مطالب بتفعيل الزراعات التعاقدية وإنشاء إدارة خاصة لمحصول القطن..

تشرين- رشا عيسى:

تعطي (قطن 1)، وهي أول سلالة قطن تسجل محلياً بخبرة الباحثين الزراعيين في الهيئة العامة للبحوث الزراعية، الأمل بضخ الدماء في شرايين هذه الزراعة التي كانت على قائمة الزراعات الإستراتيجية يوم ما كان القطن ذهبنا الأبيض الذي نفتخر بزراعته وبجودته العالية قبل الحرب الظالمة على بلدنا.
ومن الآن بات بالإمكان القول: إنّ المحصول الليفي الصناعي الأهم خطا أولى الخطوات على طريق التعافي مع الانتباه لعامل المنافسة مع المحاصيل الأخرى على المساحات المتاحة للزراعة، ومحدودية توفر مياه الري، بالتزامن مع المطالبة بضرورة تفعيل الزراعة التعاقدية مع المزارعين، لتعود زراعة الأقطان ولو حتى في مساحات زراعية محدودة مبدئياً، وتدريجياً يمكن أن نلمس الحافز لدى المزارعين لإنتاج هذا المحصول، ما يشكل داعماً معاشياً لهم في السنوات اللاحقة، مع التأكيد على أهمية وجود إدارة خاصة لهذا المحصول.

تعزيز دور الأبحاث

الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش أوضح لـ( تشرين) أن اعتماد سلالة من القطن طويل التيلة باسم “قطن ١” يعد خطوة في سبيل تعزيز دور الأبحاث العلمية الزراعية المنجزة من قبل المراكز االبحثية سواء التابعة للهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية أم حتى الأكاديمية منها.

وتنبع أهمية هذه السلالة الواعدة من القطن – وفقاً لدرويش – على اعتبارها أول سلالة من القطن طويل التيلة تسجل محلياً ويتم اعتمادها للزراعة في ظروف محافظتي حلب وحماه وبالنظر لباكوريتها ولخصائصها التكنولوجية والنوعية القياسية، هذا بدوره يمكن أن يعطي دافعاً محفزاً لمزارعينا بالعودة إلى زراعة هذا المحصول الصناعي الذي كان يحتل المرتبة الأولى سابقاً في المساحات المزروعة والإنتاج متفوقاً على محصولي الشوندر والتبغ.

عمل مشترك
وبيّن درويش أن هذا الإنجاز وعبر تحسين السلالات والأصناف المزروعة من محصول القطن، هو ثمرة عمل مشترك ومتواصل لكوادر البحث العلمي الزراعي ونتيجة للإمكانات التي تم توظيفها وذلك للرقي بقطاعنا الزراعي ليواكب كافة الأساليب الزراعية الحديثة في مجال الإنتاج الزراعي والصناعي عالمياً.

الذهب الأبيض

ولا يخفى على أحد -كما يقول درويش- الدور الذي كان يلعبه محصول القطن، والذي سمي بالذهب الأبيض، كأهم محصول ليفي صناعي وذلك قبل الأزمة التي عصفت بالقطر خلال السنوات الأخيرة الماضية، وأطاحت بزراعة هذا المحصول كغيره من بقية المحاصيل الإستراتيجية، ولأسباب كثيرة منها خروج الكثير من مساحات زراعة القطن من دائرة الاستثمار، ولاسيما في المناطق الشرقية من البلد وحيث كانت تتركز زراعته، في الرقة والحسكة ودير الزور.

(قطن 1).. سلالة مبشرة بالتعافي والعودة إلى زراعة الذهب الأبيض

وفضلاً عن ذلك، توجه مزارعونا في المناطق التي كان يزرع بها هذا المحصول لزراعة محاصيل أخرى تحقق لهم ريعية ومستوى معيشياً يتناسب والظروف الاقتصادية الراهنة، فمن المعلوم أن القطن كغيره من المحاصيل الصناعية الأخرى يتم استلامه من قبل الجهات المعنية، وبنشرات تسعيرية قد لا تتوافق أحياناً وتكاليف الإنتاج المرتفعة، ولاسيما أن هذا المحصول متطلب للري وبشكل كبير، الأمر الذي يشكل عبئاً على المنتجين الزراعيين وهكذا العزوف عن زراعته.
تعوض الفاقد
إنّ العمل وبكافة الجهود المبذولة لتشجيع زراعة هذا المحصول، والعودة بواقع إنتاجه لما كان عليه سابقاً من حيث المساحات المزروعة، وكميات الإنتاج المسوقة، وعبر التوجه لاستنباط سلالات وأصناف يمكن أن تساهم بتعويض الفاقد من الإنتاج أو باتباع أساليب زراعية حديثة من مكننة وغيرها هي بادرة تسجل للجهات الزراعية المعنية سواء على المستوى البحثي أم الإداري.

معوقات
وبالنظر للإمكانات المتاحة، فإن هذا العمل قد يصطدم مع الكثير من المعوقات التي تحتاج لإيجاد حلول في المستقبل القريب، منها منافسة المحاصيل الأخرى للقطن على المساحات المتاحة للزراعة، ومحدودية توفر مياه الري، بالإضافة إلى التكلفة العالية للإنتاج، تدفع عدداً لابأس به من مزارعينا لاختيار محاصيل أخرى تحقق مردوداً وربحية أعلى.
يبرز هنا -كما يشير درويش- دور الجهات المعنية سواء على مستوى وزارة الزراعة وحتى الاتحاد العام للفلاحين والمراكز البحثية الزراعية العاملة على الأرض، في تشجيع مزراعينا على الشروع بزراعة القطن والتوسع بإنتاجه، ودعمهم بكل ماهو متاح سواء عبر برامج إرشادية أو بشكل مادي ملموس بتوفير مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة ومحروقات وغيرها ومنهم مكافآت تشجيعية عن الكميات المسلمة من الأقطان المنتجة، ويمكن القول إن استنباط هذه السلالة واعتمادها يأتي في سياق هذا الدعم المقدم، ومن الممكن أن تلقى زراعة هذه السلالة نجاحاً مستقبلاً وعلى مساحات أوسع.

الزراعة التعاقدية
وأكد درويش أهمية أن يكون هناك نوع من الزراعة التعاقدية مع المزارعين لتعود زراعة الأقطان ولو حتى في مساحات زراعية محدودة مبدئياً، وهكذا رويداً رويداً يمكن أن نلمس الحافز لدى المزارعين لإنتاج هذا المحصول ما يشكل داعماً معاشياً لهم في السنوات اللاحقة، مع التذكير بضرورة اتباع سياسات زراعية ممنهجة ووضع خطط سنوية لإنتاج محصول القطن كغيره من بقية المحاصيل الصناعية الأخرى، ولا ضير في أن تكون هناك إدارة خاصة لهذا المحصول تتولى الإشراف على زراعته وتصنعيه وتسويقه وربما تصديره مستقبلاً ليكون عاملاً داعماً للاقتصاد الوطني، في ظل مانعانيه من حصار وعقبات اقتصادية خانقة تعصف بواقع زراعتنا المحلية وبالمستوى المعيشي للمواطنين، فقطاعنا الزراعي الذي تمّ تطويره وبكفاءات محلية ومنذ عقود وفق مبدأ (الاعتماد على الذات) يحتاج إلى تضافر جهود جميع المعنيين وعلى كافة الصعد للعودة وربما لأفضل ماكان عليه قبل بدء الأزمة في الوطن.

صنف مبشر
وكانت وزارة الزراعة أعلنت اعتماد سلالة مبشرة من القطن طويل التيلة “قطن1″، وأوضح وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا أن هذا الصنف يعتمد لأول مرة في سورية كقطن طويل التيلة لأن كل أصناف القطن الحالية متوسطة التيلة، وهو من الأصناف الجيدة المبشرة التي يمكن زراعتها حالياً في محافظتي حماة وحلب، وتم تسميته “قطن1” لأنه أول سلالة طويلة التيلة، لافتاً إلى أن الأصناف السورية جيدة متميزة بمواصفاتها التكنولوجية والقياسية وملائمة للبيئات السورية، ويأتي هذا الصنف داعماً للمساحات التي ستتم زراعتها بالقطن وسيكون له ممارسات زراعية خاصة والانتقال للمكننة الزراعية المتكاملة لزراعته، مشيراً إلى أنّ الهدف هو تشجيع الفلاحين على زراعة هذا المحصول والتوسع به في معظم المحافظات.
الصنف الأول محلياً
بدوره، مدير عام الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتور موفق جبور بيّن أنّ هذا الصنف يعادل الأقطان المصرية وهو الصنف الأول على مستوى سورية حالياً الذي يعتمد مواصفات نوعية ممتازة، وهذه ميزة إيجابية حيث تم التركيز على الصفات النوعية، إضافة لموضوع الإنتاجية.
من جهتها أوضحت الدكتورة جميلة درباس من إدارة بحوث القطن أن هذه السلالة تتميز بعمرها القصير 150 يوماً، إضافة لصفاتها التكنولوجية المميزة التي تكسبها ميزة سعرية عالية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار