مشروعات بمواقع خاطئة!
لا أجد مبرراً أبداً لتنفيذ مشاريع مضت على دراستها عقود من السنين، حيث كانت الكثافة السكانية مختلفة، وجغرافية المناطق مختلفة كلياً. فليس معقولاً ألا يكون لعقود السنين ولأزمة طال انتظار انتهائها أي مؤشر باختلاف المشاريع وأماكن تنفيذها، ومساحتها وموقعها وكلفها ووظيفتها وأشغالها!
يقول أساتذة الهندسة: إن اختيار الموقع المناسب هو أساس نجاح أي مشروع، وللأسف لم يتم أبداً لحظ هذا الجانب في معظم مشاريعنا، حيث تتوزع الإدارات في أماكن، والمواقع الإنتاجية في أماكن بعيدة عنها، ولا تسأل عن كلف النقل ومستلزماته، والهدر القائم.
لا أنسى موقع محطة الصرف الصحي في القليعة بالدريكيش، والتعنّت بالإصرار على إقامتها بجانب الينابيع، ما أدى إلى تجرثم الينابيع العذبة. ولا ندري لِمَ التعنّت من “الموارد المائية” بالإصرار على تنفيذ مشروع في موقع خطأ!
واليوم تنفذ محافظة دمشق مركز انطلاق الجنوب المقرّر في شارع الثلاثين منذ أكثر من أربعين عاماً. حيث كانت المنطقة بساتين ومنطقة خضراء ولا يوجد هذا الازدحام الهائل، واليوم هي منطقة مهدمة بسبب الحرب ولا ندري كيف سيكون مسار وسائل النقل إلى السويداء ودرعا وريفهما وريف دمشق الجنوبي، وما مصير المناطق الزراعية المحيطة؟. عدا عن كون الموقع محاطاً بمسارات ثمانية اتجاهات، وكل ذلك يشير إلى عدم صلاحية المكان لمركز انطلاق، ومن المفترض أن يكون مركز الانطلاق قريباً من أوتستراد نجها والسويداء ودرعا، لسهولة حركة الباصات والميكروباصات.
كفى دمشق ازدحاماً، والوقت هو الأهم، ويجب ألا يضيع بالازدحام، وما الذي يمنع أن يعاد النظر بالمشروع ودراسة المعطيات المؤثرة في فشله، وإيجاد مكان ملائم لمركز انطلاق قريب من طرقات السفر؟ وإلى متى سنبقى أسرى لعدم تنفيذ المشاريع لعقود من السنوات ومن ثم التمسك بتنفيذها في المواقع الخاطئة؟.
قضية تحتاج إلى آراء الاختصاصيين والاستشاريين، وتغليبها على رأي الإداريين، فيكفي دمشق تخريباً عاث في كل مواردها وبساتينها وكل ما يميزها.