فتّشوا عن السبب..!
قبل أيام عمّمت وزارة العدل على القضاة، بإيلاء قضايا مخالفات البناء خارج وداخل المخططات التنظيمية، الاهتمام اللازم وإنزال أقصى العقوبات بحق مرتكبيها، ولاسيما أن المرسوم التشريعي رقم 40 لعام 2012 جرّم هذه الظاهرة وفرض العقوبات الرادعة بهدف قمعها والحفاظ على السلامة العامة.
تعميم الوزارة جاء حسب ما ورد فيه، بسبب ازدياد ظاهرة مخالفات البناء، بما يلحق أكبر الضرر بالدولة والمواطنين، ويشكّل خطراً على حياتهم واستقرارهم.
وهنا يمكن القول: التشبيك بين الوزارات مطلوب في تطبيق القوانين وردع المخالفات، ولاسيما ما يتعلق منها بغرض المتاجرة والربح على حساب أرواح البشر، ولكن يجب ألا يغيب عن الذهن أن الدافع وراء بعض المخالفات، هو التأخر في إنجاز بعض المخططات التنظيمية، والأهم أن أغلبية المخالفات تتم تحت أعين بعض أعضاء المجالس المحلية في الوحدات الإدارية وبسبب تقصيرهم في أداء مهامهم، وهنا يجب ألا يتم إغفال هذه النقطة، وأن تتم محاسبتهم و مرتكب المخالفة معاً، فكم من أبنية سكنية أو تجارية شيّدت بمباركة من بعضهم بأهداف لم تعد مغيّبة عن الأذهان. وهناك بعض المجالس حلّت وأعيد انتخاب أعضاء جدد لها بمسببات من هذا القبيل، ومازال بعضها يحتاج إلى تلك الخطوة، فأداؤه لا يفوق أداءها، ولا بد من جردة حساب وإعادة تقييم عمل جميع المجالس، وماذا أنجزت من خططها، فأغلب الداء مما نعانيه كامنُ فيها.
نقطة أخرى لا يمكن تجاهلها، تكمن في إخلال بعض الجهات بعهودها تجاه من أبرمت عقوداً معهم على منازل سكنية تؤويهم، وتأخرها إلى ما يتجاوز عشرات السنوات، بل وزادت الأقساط عليهم بمبررات ارتفاعات الأسعار وظروف الحرب وغيرها، وكأن المكتتبين من كوكب آخر لم تطلهم ظروف الحرب وارتفاعات الأسعار، والعجز عن الإيفاء بأدنى المتطلبات، ورغم ذلك مازالوا يسددون المترتب عليهم ولو كان على حساب لقمتهم، إلا أن الترهل والبطء في الأداء والإنجاز مازال يؤخر تسليمهم ما اكتتبوا عليه، فتراهم يلجؤون إلى تشييد المخالفات ولو بأدنى مقومات السلامة الإنشائية لعلهم يسترون أنفسهم وأسرهم تحت سقف يؤويهم.
وهنا مربط الفرس، فكما التشبيك ضروري في قمع المخالفات، يجب أن يكون ضرورياً في تحميل الجهات التي أخلّت بوعودها تجاه المتعاملين معها جزءاً من المسؤولية في تأخير مشاريعها، وهذا يحتاج إلى تعاون أكثر من جهة لا أن يبقى المواطن المسكين يدفع الضريبة وحده، أليس هذا مطلبَ حقٍّ؟!