تغيّر المناخ وتأثيره في صحة البشر
تشرين:
التهديد الصحي الذي يسببه الاحترار المناخي، وتزايد الدعوات العالمية للتعامل مع تأثيرات الاحترار المناخي العديدة على صحة البشر دفعا إلى جعل هذه المسألة محور اليوم الأول في مؤتمر الأطراف بشأن المناخ «كوب28» الذي ينطلق الأسبوع المقبل في دبي.
فالحرارة الشديدة وتلوث الهواء والانتشار المتزايد للأمراض المعدية القاتلة ليست سوى بعض الأسباب التي دفعت منظمة الصحة العالمية إلى وصف التغير المناخي بأنه أكبر تهديد صحي يواجه البشرية.
وحسب المنظمة، يجب أن يقتصر الاحترار المناخي على هدف اتفاق باريس المتمثل بـ1,5 درجة مئوية «لتجنب الآثار الصحية الكارثية ومنع ملايين الوفيات المرتبطة بتغير المناخ».
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت الأسبوع الماضي من أن الالتزامات المناخية الحالية للدول في العالم أجمع تضع الكوكب على مسار احترار كارثي يصل إلى 2,9 درجة مئوية خلال هذا القرن، في ما يتجاوز إلى حد بعيد السقف الذي حدده المجتمع الدولي.
وفي حين لن يبقى أي من البشر في منأى عن التأثر بتغيّر المناخ، يتوقع الخبراء أن معظم المعرضين للخطر سيكونون من الأطفال والنساء وكبار السن والمهاجرين والأشخاص في البلدان الأقل نمواً والأقل تسبّباً بانبعاث غازات الدفيئة المسببة للاحترار المناخي.
وحسب ما أعلن باحثون هذا الأسبوع، يتوقع على نطاق واسع أن يكون عام 2023 الجاري هو الأكثر سخونة على الإطلاق. ومع استمرار ارتفاع حرارة الأرض من المتوقع أن تتبع ذلك موجات حارة أكثر تواتراً وشدة.
وقال الباحثون: يعتقد أن الحرارة تسببت بأكثر من 70 ألف حالة وفاة في أوروبا في صيف 2022، بزيادة عن التقديرات السابقة التي كانت عند مستوى 62 ألف وفاة.
وذكر تقرير عن مجلة «لانسيت» الطبية صدر مؤخراً أنه في عام 2022، تعرّض البشر إلى درجات حرارة قد تسبب الوفاة لمعدل 86 يوماً، موضحاً أنّ عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً ولقوا مصرعهم بسبب الحرّ ارتفع بنسبة 85% بين 1991-2000 و2013-2022.
وأشار التقرير إلى أنه بحلول عام 2050 سيتضاعف عدد الوفيات بسبب الحرارة سنوياً أكثر من خمس مرات، في ظل سيناريو ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين.
وستؤدي زيادة حالات الجفاف إلى ارتفاع مستويات الجوع، ومن المتوقّع أن يعاني نحو 520 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي بدرجة متوسطة أو حادّة بحلول منتصف القرن، حسب ما نشرت “لانسيت”.
في غضون ذلك، ستستمر الظواهر الجوية المتطرفة الأخرى، مثل العواصف والفيضانات والحرائق، بتهديد صحة الناس في كل أنحاء العالم.
هذا، ويتنفس ما يقرب من 99% من سكان العالم هواء ملوثاً بمعدلات تتخطى إرشادات منظمة الصحة العالمية، ويتسبب تلوث الهواء الخارجي الناجم عن انبعاثات الوقود الأحفوري بوفاة أكثر من أربعة ملايين شخص كل عام، وفقاً للمنظمة، الأمر الذي يزيد من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والسكتات الدماغية وأمراض القلب وسرطان الرئة والسكري وغيرها من المشكلات الصحية، ما يشكل تهديداً يعد مماثلاً لأخطار التبغ.
إلى ذلك، سيدفع تغير المناخ البعوض والطيور والثدييات إلى التجول خارج بيئاتها الطبيعية، ما يزيد من خطر نشرها الأمراض المعدية، وتشمل الأمراض المنقولة من البعوض والتي تهدد بانتشار أكبر بسبب التغير المناخي، حمى الضنك، وشيكونغونيا، وزيكا، وفيروس غرب النيل، والملاريا.