سبب ٢٠% من حالات الطلاق.. الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي يهدد الحياة الزوجية ويفتح الأبواب لعلاقات مشبوهة
تشرين – نور حمادة:
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي من أخطر مشاكل العصر التي تهدد العلاقات الإنسانية والوقوع في الكثير من الخلافات الزوجية، وتعد من أقصر الطرق لازدياد حالات الطلاق بين الأزواج، فالاستخدام الخاطئ لهذه المواقع ساهم في إضعاف الروابط الأسرية؛ إضافة إلى ظهور مشاكل اجتماعية أكثر من السابق نتيجة لما يحدث من مقارنات بين الحياة الواقعية ومانراه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى الشعور بالاستياء وعدم الرضى والإحباط
واتساع ظاهرة التمثيل والتصنّع وتقليد الآخرين على منصات التواصل وعرض الخصوصيات والخروج عن الواقع الحقيقي بات يشكّل فعلياً عاملاً رئيسياً في الخلافات الزوجية، حيث كشف عدد من المحامين أن نسبة حالات الطلاق بسبب مواقع التواصل الاجتماعي تتراوح بين (60-65 بالمئة).
الاستعراض على المنصات
تعد شبكات التواصل الاجتماعي بالنسبة لكثير من مستخدميها ضرورة ملحّة ليبدعوا في تصوير أدق التفاصيل عن حياتهم اليومية والتي تصل بهم إلى حد الهوس لتقديم صور جميلة عنهم وعن المحيطين بهم واستعراضها عبر مواقع التواصل لكسب أكبر عدد من المتابعين ونيل إعجابهم متجاهلين تماماً مدى الآثار النفسية المدمرة والخلافات الاجتماعية التي تنتج عن هذا النوع من الاستعراض والتباهي، وبرأي فرح ربة منزل: إن الصورة أصبحت سلعة يرغب الجميع باقتنائها وللأسف نحن مقيدون بشاشة الهاتف وما تعرضه من صور قد تكون بعيدة عن واقعنا الذي نعيشه، وإظهار الجانب الإيجابي فقط من الحياة الزوجية وتوثيق اللحظات الجميلة بالصور وهي مسرحية تزيد من النزاعات والخلافات والكثير من حالات الطلاق.
“ستورياتك” تحدد مدى سعادتك
باتت ال”ستوريات” أو ( القصص القصيرة) على منصات التواصل والتنافس الاجتماعي لاستعراض محتوى إيجابي يدل على الرفاهية والحياة المثالية وغيرها الكثير من المنتجات والطروحات والأفكار وتصويرها على الصفحات التي تعج بالإعجابات والتعليقات تشغل بال شريحة واسعة من المتابعين الذين ينقادون وراء هذه المحتويات غير المجدية غالباً وتصديقها والسعي لعيش شيء مشابه لها معتقدين أنها حياة كاملة لا تشوبها شائبة لتكون نتيجتها الشعور بالغيرة والنقص وعدم القدرة على تقبّل الحقيقة.
محامٍ: دعاوى سببها الرئيسي التأثر بحياة مقدمي المحتوى الخيالية
ويتابع أمجد مدرّس لغة عربية: أصبحنا في زمن الستوريات وخصوصية أي فرد باتت متاحة للجميع وبموافقته ويساهم في نشرها متفنناً في تقديم نفسه ليسلط الضوء على الحياة الإيجابية التي يعيشها حتى لو كانت مصطنعة وغير حقيقية في بعض الأحيان وهذه الظواهر المجتمعية تعصف باستقرار الحياة الزوجية وأصبحت سبب رئيسي في التفكك الأسري لأننا لا نلاحظ مدى خطورة هذه المواقع التي تشعرنا بالتذمر وعدم القناعة والركض وراء فقاعة السوشيال ميديا.
خطورة العالم الافتراضي
حذّر المحامي ابراهيم الأيوبي من الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل وأنه من الضروري وضع حدود وضوابط لاستخدامها خاصة عند المراهقين التي تؤثر سلباً في تشتيت انتباههم وتعريضهم للتنمر ووجهات النظر غير الواقعية ومن باب الحرص أن يتقيد الأزواج بتلك الحدود وعدم السماح لهذه المواقع بتدمير الأسرة وتفككها فإن الطارئ والمستجد على المجتمع السوري هو حالات الطلاق الناتجة عن وسائل التواصل والتي لا تقل بناء على إحصائية تقديرية عن 20 بالمئة من حالات الطلاق العامة وهي نسبة لا يستهان بها في المجتمع الذي تعاني به الأسرة من ضغوط اقتصادية وعوامل نفسية على امتداد الأزمة.
ويشير الأيوبي إلى أن هناك دعاوى سببها الرئيسي هو الخيانة الزوجية ونشوز الزوجة نتيجة التأثر بحياة مقدمي المحتوى الخيالية والتي يعجز عنها معظم السوريين في واقعنا الاقتصادي الحالي
ومع سهولة انتشار المعلومات والصور وتنوع وسائل التواصل كان له الأثر السلبي على المجتمع السوري وخاصة قبل صدور قانون الجريمة الإلكترونية الذي فرض قوانين صارمة على هذه المواقع، حيث تعرض على المحاكم الشرعية العديد من القصص والخصومات بسبب الاستخدام المفرط لها والتي تؤدي إلى تدمير العلاقات الزوجية وتفكك الأسرة التي يدفع بها الأبناء الثمن الأكبر ويكونوا ضحايا إدمان الأهل على هذه المواقع والابتعاد عن التواصل والتفاعل معهم وانزلاقهم وراء رفاق السوء والإدمان وتكون العاقبة وخيمة.
سلاح ذو حدين
التعميم في كل الأمور خاطئ لذلك لا يمكننا القول إن هذه المواقع سيئة بالمطلق فهي تساعد على التواصل ونشر الثقافة والوعي والمعلومات الجيدة، ولكن ما يحدث من مقارنة والأثر السلبي لها في العلاقات الزوجية زاد من حالات الطلاق، وبرأي الأخصائية الاجتماعية رولا معروف فإن المتابعة المستمرة لمواقع التواصل ترفع سقف التوقعات عند الشريكين وعندما لا يحدث ما يتوقع أحدهما من الآخر تبدأ المشكلات
تتفاقم بينهما وتصبح معقدة لأن هذه المواقع مفتوحة بشكل كبير ودائماً هناك المزيد، وإذا تمكنت موجة المقارنة من سحبك إلى داخل هذا البحر فتأكد ألا نجاة من الغرق.
وتوضح معروف أن هناك معركة على مواقع التواصل وخاصة بين مجتمع النساء لعرض حياتهن الخاصة على الملأ وجعلها عرضة لتعليقات الناس واستعراض النشاط اليومي والأزياء والطعام والرحلات وغيرها جعلهن يدخلن في دائرة الغيرة والمعاناة من الواقع الحقيقي عندما يشاهدن صور تدل على الرفاهية والحياة الكمالية وهو عامل مهم للشعور بالاكتئاب وعقد النقص والأمراض الاجتماعية ومحاولة التقليد يعطي شعور بالإساءة والإهانة للمتلقي نتيجة إحساسه بالتفاوت الطبقي والمادي والفكري.
لذلك يجب التسلح بالوعي والقناعة بين الزوجين وعدم التأثر بما يعرض لأنه الجزء الذي يبذل فيه الكثير من الجهد لكي نراه بشكل إيجابي وعدم الانغماس في هذه الحياة الافتراضية لدرجة الانفصال عن الحياة الواقعية ولا يمكننا الاختباء خلف أصابعنا متجاهلين الكم الهائل من المشكلات الاجتماعية التي تحدث في مجتمعنا والمجتمعات العربية عموماً بسبب هذه المواقع.