الزيادة بنسبتها متميزة وتشكل تحولاً إيجابياً في ظل الإمكانات الاقتصادية المتواضعة
تشرين – ماجد مخيبر :
أوضح الدكتور عابد فضلية أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق في تصريح لـ “تشرين” أن القرارات التي صدرت مؤخراً برفع أسعار المشتقات النفطية هي بالعموم صحيحة وضرورية ولازمة ولكن التوقيت غير مناسب وعلى الأخص أنها جاءت بالتوازي مع زيادة الرواتب والأجور للعاملين، وبالتالي جاء هذا الربط ليفسر ويفهم خطأ وكما يقال باللهجة العامية (من العب إلى الجيبة)، وذلك لأن ما أعطي باليد اليمنى أُخذ باليد اليسرى، فالتزامن بين القرارات التي صدرت أمس غير مستحسن ومن الممكن اتخاذ القرارات نفسها بتوقيتات مناسبة أكثر ووفق أسس أخفّ وقعاً على صدور الناس .
فضلية أوضح أنّ الظروف السياسية والعسكرية في سورية والمنطقة والمبالغة والتهويل والتخويف لعبت دوراً سلبياً في تقبل السوريين لهذه القرارات، وحتى قرار رفع الدعم كلياً كان من المناسب اتخاذه بين عامي 2009 – 2010 حيث كانت حينها عوامل النجاح متوافرة أكثر ولكن تأخرت وصدرت بشكل متلازم بالتوقيت وأعطت انطباعاً سلبياً عن هذه القرارات لكونها قرارات متلازمة مع بعضها بعضاً وهي متناقضة مع بعضها في الوقت نفسه .
المحلل الاقتصادي فاخر قربي أوضح في تصريح لـ«تشرين» أن هذه الزيادة على الرواتب والأجور تأتي بهدف رفع القدرة الشرائية في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار في الأسواق، فعلى الرغم من عدم وصول نسبة الزيادة لطموحات أصحاب الدخل المحدود إلّا أن هذه الزيادة بنسبتها المتميزة تشكل تحولاً إيجابياً في المسار الاقتصادي ولاسيما في ظل ظروف الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول الغربية على سورية وفي ظل الإمكانات الاقتصادية المتواضعة لدى الحكومة السورية نتيجة خروج معظم حقول النفط عن سيطرتها والمعوقات التي تفرضها دول الغرب لمنع الحكومة السورية من استيراد محركات الطاقة، وتأخر انطلاق عجلة الإنتاج نتيجة المعوقات الإدارية والقانونية والمالية ولاسيما سياسة الإقراض الإنتاجي والتراخيص الصناعية والتشريعات التي هي على الأغلب لا تخدم الواقع الحالي، إضافة للتهرب الضريبي لكثير من الصناعيين وأصحاب المنشآت الإنتاجية .
أكاديميون وخبراء: رفع أسعار المحروقات هو قرار صحيح وضروري لكن التوقيت غير مناسب
قربي أكد أهمية أن تترافق هذه الزيادة مع حالة رقابة دائمة للأسواق ورؤية تحليلية لأسعار الصرف في سبيل المحافظة قدر الإمكان على الأسعار والعمل في الحد الأقصى على تخفيضها بشكل تدريجي كي يشعر المواطن بهذه الزيادة بشكلها الحقيقي .
عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم أكد أنّ مشكلة ارتفاع الأسعار لم تظهر إلّا بعد انخفاض الدخل، والمعادلة الطبيعية هي أن يكون الدخل يساوي الصرف، وزيادة الدخل من خلال زيادة الرواتب فقط هي أمر غير ممكن ولابدّ من زيادة الدخل من خلال زيادة المشروعات والأعمال الإنتاجية، فالمؤسسات الحكومية لديها العديد من الأملاك والمشروعات غير المستخدمة وغير المنتجة، ونحن الآن بأمسّ الحاجة لكي تدخل هذه القطاعات العملية الإنتاجية وبالتالي مضاعفة الدخل، وكل زيادة على الرواتب سيكون لها أثر إيجابي لكنها وحدها لا تكفي ويجب أن تكون مقرونة بزيادة الطاقة الإنتاجية، علماً أن رفع أسعار المحروقات الأخير سوف يؤدي ويسهم في زيادة تكاليف الإنتاج بنسبة لا تقل بين 20 – 30% ما سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار السلع والخدمات وبالتالي ستستمر الأزمة .
يذكر أن التكلفة السنوية المقدرة للزيادة وفق المرسومين 11 و 12 تبلغ نحو 4000 مليار ليرة سورية، في حين تبلغ التكلفة الشهرية نحو 333 مليار ليرة، وسيتم تأمين هذه المبالغ وفق ما ذكر وزير المالية كناني ياغي في وقت سابق من موارد الخزينة العامة للدولة، كما أن الحكومة تواصل السعي بشكل حثيث ومتواصل لتحسين المستوى المعيشي للعاملين والمتقاعدين في الدولة، ورفع الأعباء المالية عن كاهلهم، علماً أن الوزارة أصدرت البلاغ المتضمن التعليمات الواجب اتباعها بشأن صرف الزيادة الناجمة عن تطبيق أحكام المرسومين التشريعيين 11 و12 لعام 2023، والسماح بالتجاوز على الاعتمادات المخصصة للرواتب والأجور والتعويضات في موازنة عام 2023، وتم إضافة لذلك إصدار الجداول الملحقة بالقانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 وتعديلاته المتضمنة تعديل الحد الأدنى والأقصى للرواتب في الأجور انسجاماً مع الزيادة المقررة.