مغامراتُ الأدب الساخر وجماليّاته تتدلّى ضمن جلسة نقدية عن «أسلاك شائقة»…
تشرين- لمى بدران:
تلك المغامرات والقصص التي جمعها الكاتب د. محمد عامر مارديني في مجموعته «أسلاك شائقة» والتي يستخدم فيها مهارات ناعمة من خلال مضمرات حكائيّة ومغامرات واقعيّة لا تُرهِقْ القارىء، بل قد تثير إحساسه ليشعر بأنها تحدث معه شخصياً، ولعبة الانزياح اللغوي التي قد تخترق عقولنا نتيجة غواية العنوان الذي قد نتخيّله أسلاك «شائكة»عوضاً عن شائقة تشكّل حساسيّة نقديّة تجاه ما نستطيع تسميته فن الضحك و الإضحاك أو الكوميديا السوداء.
لقد استدعت خصوصيّة هذه المجموعة القصصيّة لكونها من صنف الأدب الساخر الذي يُعدّ كتّابه من القلائل بين الكتّاب إقامة قراءة نقديّة ضمن المركز الثقافي في المزة والذي نوّهت إدارته بأن هذه الجلسة مقرّرة قبل أن يتسلّم أديبها منصباً اعتباريّاً جديداً أي قبل أن يصبح وزيراً للتربية، ويقدّمها الناقد أحمد علي هلال الذي يرى أنّ علامات المغامرة السرديّة ابتدأت عند الكاتب المارديني منذ صدور مجموعته القصصية الأولى «حموضة معدة» لتليها مجموعة أخرى بعنوان «قصص شبه منحرفة» لتبدأ بعدها هذه التجربة الجديدة التي أخذت عنواناً مُفارقاً له غوايته.
كما يَشي العنوان حسب رأي الناقد هلال بوقائع بعينها تذهب أكثر إلى ما يعني خلق الحوافز التأليفيّة والواقعيّة والجماليّة، وتتناوب عناوين اللوحات الـ(٢٥ ) ضمن المجموعة بين الصريح والمُضمر، فالمضمرات الحكائيّة تتكلّم عن أمور واقعيّة مسكوت عنها بطَرْحْ ناعم يدعو للضحك، وأشار إلى أن الكاتب نجح في توفير عنصريّ الإقناع والدهشة ووصل حدّ التشويق الذي هو إحدى أهم أدوات الأدب الساخر، وذَكَرَ الناقد عدّة أمثلة من داخل المجموعة تُعدّ نماذج تلقي ضوءاً كثيفاً على التنوّع في أداء المحكيّات القصصيّة، ومن الممكن بالنسبة له أن تكون هذه القصص قد فتحت آفاقاً جديدة بخصوص الجنس الإبداعي المتغيّر.
أما بالنسبة للكاتب ذاته فقد أكّد في حديث خاص «لتشرين» أنه استفاد كثيراً من حضوره هذه الجلسة النقديّة التي تجعله يراعي أكثر فأكثر مذاق الناس وآراءهم، لذلك يحرص الدكتور محمد عامر على مواكبة هذه الجلسات بشكل دائم في المراكز الثقافية والفعاليات المختلفة كمستمع، وليس فقط كمشارك أو قارىء، كما أنّه يقصد تقديم فنّه القصصي بأسلوب يجعل الناس تبتسم، وهي متألّمة بعيداً عن الفجاجة والمباشرة الشديدة، ونفى تماماً إمكانية أن يُبعده المنصب الجديد وزيراً للتربية عن الكتابة فهي جزء من حياته، لا ينفصل عنه أبداً، ولقد قرأ في بداية الجلسة قصة بعنوان « خِطبة وطنية» لمجموعة قادمة لم تنشر بعد.
مداخلات متعددة حصلت في نهاية الجلسة لإبداء الآراء والتعليقات والتساؤلات حول هذه المجموعة القصصية، وينتظر جمهور المارديني، أي جمهور الأدب الساخر، الأعمال القادمة له، لأنها تلامس وقائع محكيّة، وتُضحِكهم في آن واحد.