شياطين النار!!
لم تكد الناس تلملم شظايا أحلامها من لهيب الأسعار وقلة الحيلة، حتى بدأت النار تحاصر قرى وغابات اللاذقية، فقد التهمت مساحات واسعة من الأراضي ودمرت الغابات والغطاء النباتي أو ما تبقى منها، والنتيجة خسائر في الأرواح واغتيال ممنهج لغاباتنا!!
ذكرياتنا عن الحرائق محفورة في وجداننا، لا نكاد ننسى آلامها حتى تعود من جديد كل عام، وكأننا على موعد سنوي مع القهر والحزن، وحقد شياطين يضرمون النار دون رحمة، ومع كل خسارة وروح نخسرها نطالب بفضح إجرامهم ومن يقف خلفهم من مخططين ومستفيدين ومنفذين، ولا شك أن من يحرق الشجر مثله مثل أي إرهابي يستهدف طواقم الإطفاء والأهالي لعرقلة عملهم أثناء إخماد الحرائق.
تعبنا من الحديث عن إهمال المسؤولين، الذين من المفترض أن يكون واجبهم منع نشوب أي حريق، ولن نسأل بعد اليوم عن خطط طوارئ أو حتى نقص التجهيزات وعدم تأمينها، بل سنقول إن ما تبقى من خضرة بلدنا النادرة يستحق حمايته ويستحق الاستنفار لأجله.
آلاف الحرائق.. ونادراً ما نسمع عن مجرم، وتحقيقات يرافقها تصريحات متناقضة، ومحاولات لفك شيفرات الألغاز، فهل الحريق بقصد التفحيم؟ أم بغرض تملك الأراضي أو حتى توسعتها؟ وتبقى الحقيقة المطلقة بالبحث عن المستفيد في كل ما يجري؟!
مع كل حريق يزرعون الحسرة في القلوب، ويزيدون الفقير فقراً، ويقضون على غابات وتنوع بيولوجي نحتاج ربما مئة عام لتعويضه، ربما اجتمع حقدهم مع مصالحهم، وربما وكما كل مرة أيقنوا أن يد العدالة لن تطولهم، ولكن الأكيد أن قلوبنا تنزف قهراً ونحن نتفرج على أشجارنا تحترق، فإلى متى يستمر لهيب النار بالنيل من بلادنا؟!
باختصار؛ أوجاعنا لكثرتها تئن تحت الرماد، فلا سند ولا تدابير تروي غليل مواطن احترقت جيوبه قبل غاباته، والحكاية أن البعض امتهن إشعال النار حسب ملعبه ومصلحته، وما نحن بحاجة إليه اليوم محاكمات لكل من ينال من رزق الناس ومعيشتهم، ومحاسبة كل من قصّر في عمله وأهمل، فشياطين النار كما شياطين الأسواق يزرعون الفقر والقهر، فمن يحاكمهم؟!