تحوير التجارب

كان الأمل كبيراً على الرغم بعد صدور القانون المالي الجديد الخاص بالوحدات الادارية رقم 37 لعام 2021 لجهة أن يكون أبناء المدن والقرى هم المسؤولون عن دراسة احتياجات مناطقهم، ورفد موازنات الوحدات الإدارية بإيرادات مالية جديدة الأمر الذي من شأنه مساعدتها على تحسين وضعها المالي والقيام بمسؤولياتها التنموية والخدمية المنوطة بها، إلّا أن الواقع الحالي بعد سنتين على صدور القانون واضح بأنه لم يتغير، لا بل أصبحت قلة الإيرادات وطلب المعونات من المركز هي الشغل الشاغل لأعضاء هذه المجالس!
للأسف تجربة الوحدات الإدارية ناجحة في معظم دول العالم التي تطبقها، لكن عند تطبيقها في بلدنا كانت النتائج كحال غيرها من التجارب التي تفاءلنا كثيراً لدى الحديث عن قرب تطبيقها في سورية لأنها حققت النجاحات في بلدان أخرى، لكن عند تطبيقها يفاجئنا القائمون عليها بتحويرها بما ينسجم مع مصالح شخصية ضيقة، ما يجعل المواطن نادماً على فرحه ومتمنياً العودة إلى ما قبل التطبيق.
تعاني الوحدات الإدارية من أمور عدة قلصت من فاعليتها وحدّت من إيجابياتها، أولها جهل أغلبية الأطراف بأهمية القانون ومدى نجاعته في تبسيط المشكلات، فأغلبنا يلقي اللوم حالياً على وزارة النفط في سوء توزيع المحروقات، رغم أنه بيد مجالس المحافظات والمدن، وكذلك اختزال فوائد القانون من قبل الوحدات على أنه مصدر لإيجاد مصادر تمويل وجبايتها عبر فرض رسوم وضرائب، من دون أي تعب في البحث عن مصادر دخل عبر الاستثمار بما هو متاح في كل بقعة من بقاع الوطن، كما أن نشاط أعضاء المجالس ينتهي بانتهاء الحملات الانتخابية لتبدأ بعدها مرحلة “التعويض” وجني الأرباح والمكاسب الشخصية.
وهذا ما يضعنا جميعاً أمام مسؤوليات كبيرة في التعاون بين الجميع لتحقيق المصلحة العامة من خلال الرقابة على عمل هذه المجالس وتقييم أدائها بشكل فعّال، وكذلك طرح المبادرات الشعبية التي حلت مشكلات مهمة في عدد من المناطق: خدمية، معيشية، اقتصادية، وعلى المواطنين والمشرفين والإعلام الضغط على هذه المجالس لممارسة دورها المرسوم لها ضمن القانون.
إنّ المدن والبلدات السورية ملأى بالفرص الاستثمارية التي تتطلب مبادرات وإشرافاً من قبل مجالس المدن، فلا توجد مدينة أو قرية إلّا وتتميز بمنتج زراعي أو صناعي أو حرفي وحتى خدمي كالسياحة، لكن الجلوس في المكاتب وممارسة فنون الاستقبال والضيافة و”البزنس” حتماً سيجعلها بعيدة عن أعين وتفكير أعضاء المجالس، ليركبوا موجة نقص الإيرادات والعجز عن تخديم منتخبيهم، لهذا فالتقييم والمحاسبة مطلوبة، وتعديل نظم العمل والرقابة واجبة..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار