أمام تحدّي “عباءة الحجي وشيخ الكار”.. هل تفلح مساعي تحويل الشركات إلى مساهمة في كسر “تكلسات” ذهنيات الاستثمار؟؟

تشرين- بارعة جمعة:
فردية، تضامنية، وذات مسؤولية محدودة، تتعدد الأسماء والنتيجة واحدة هي العمل ضمن هيكلية الشراكة القائمة على أشخاص عُرفوا بالشركاء، ولكل منهم حصته، حيث من الصعوبة بمكان ما الاستمرارية بينهم في حال وجود خلاف، هي ثغرةٌ استطاع القانون الصادر مؤخراً عن مجلس الشعب تلافيها عبر السماح لهذه الشركات بالتحوّل للعمل وفق صيغة عُرفت بالمُساهمة المُغفلة، لتغدو الحل لكثير من المشكلات العالقة بين الشركاء أنفسهم من جهة، وبمنزلة الدفع بالعجلة الاقتصادية المحليّة من جهة أخرى، فما الإيجابية المُنتظرة لهذا التحول، وما انعكاساته على المدى القريب في مجال الاستثمار وتحسين المعيشة؟!

تنبع أهمية القرار من قدرته على تشجيع وزيادة الشركات المساهمة المغفلة على حساب التقليل من الأشكال القانونية الأخرى

زيادة ملحوظة
لكل قرار ميّزات خاصة به، لابدّ من النظر إليها من زاوية إنعاش الاقتصاد في نظر المواطن، وفي النظر لرؤية المُختصين ضمن هذا المجال، يؤكد الدكتور في علم الاقتصاد بجامعة دمشق عابد فضليّة أهمية هذا القرار لجهة تشجيع وزيادة الشركات المساهمة المغفلة على حساب التقليل من الأشكال القانونية الأخرى والوحدات العائلية والشركات غير المساهمة العامة، التي إذا ما قورنت بالمساهمة العامة، فسنجد الكثير من الفروقات من حيث العوائد المادية للأطراف كلها وفق فضلية، التي تتمثل بالقدرة على بيع أسهم أو جزء من أسهم تأسيسها لمئات أو آلاف المشترين المُكتتبين من المواطنين العاديين أو الأشخاص الاعتباريين، ما يعني أن عوائد وأرباح نشاطاتها الاقتصادية تتجاوز عوائد الملكية الفردية والعائلية، فتُوزّع إضافة للمؤسسين على هؤلاء الآلاف أو عشرات الآلاف من الأشخاص، عدا توزيع أرباحها سنوياً على حملة مالكي الأسهم، ما يعني أن هناك أموالاً ومبالغ كبيرة يتم ضخها في السوق لتشكل زيادة في الطلب، ما ينعكس بدوره على تحسين العملية الانتاجية.

فضلية: كثيراً ما نجد تجميداً لأموال ومدخرات عائلية غير منتجة إلّا أن استثمارها ضمن هذه الصيغة يجعل منها نشطة

كثيراً ما نجد تجميداً لأموال ومدخرات عائلية هي برأي فضلية غير مُنتجة، إلّا أن استثمارها ضمن هذه الصيغة من خلال شراء الأسهم سيجعل منها رأسمالاً عاملاً ونشطاً في الفضاء الاقتصادي الاستثماري التنموي، إضافة لحصول الشركات المساهمة المغفلة على أموالها الاستثمارية بلا تكلفة عند الاكتتاب الأولي، مع احتوائها على ميزة زيادة رأسمالها التشغيلي العامل دائماً وأبداً بمجرد طرح المزيد من الأسهم عند الاكتتاب، وبالتالي فإنّ رأسمالها الكبير وتوفير إمكانية زيادته، حسب توصيف الدكتور فضلية، يعطيان هذا الشكل القانوني من الشركات القدرة والقوة على الاستثمار في المجالات والقطاعات الكبيرة والاستراتيجية، بالمقارنة بصغر رأسمال الأشكال الأخرى من المؤسسات والشركات مثل: ( العائلية الفردية، التضامنية، التوصية البسيطة).

إيجابي بالمطلق
التحوّل لا يعني المساس بحقوق المالك أو التأثير فيه سلباً، بل على العكس يعطي فرصة الاندماج بين أكثر من مؤسسة وشركة لغاية التحول ذاته، وفق قراءة الدكتور في علم الاقتصاد عابد فضلية للقرار، الذي أعطى الفرصة لأصحاب هذه المؤسسات والشركات الراعيّة بإعادة تقييم أصولهم الثابتة والمعنوية، أي غالباً رفع تصنيفهم التجاري والرسمي من خلال إعادة تقييم الأصول، مع التنويه بوجود مشكلة نظرية في كيفية وآلية تقييم أصولهم المعنوية، والمقصود بها عموماً قيمة الشهرة والاسم التجاري، مع التأكيد أيضاً أن عدد الشركات المساهمة العامة هو 53 شركة فقط، إلى جانب مئات الآلاف من المنشآت والمؤسسات والشركات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، وبالتالي فإنّ تحول العشرات أو المئات منها إلى شركات مساهمة عامة لن يكون له تأثير سلبي في تركيبة الوحدات الاقتصادية من تدرجها بالحجم، باعتبار أن أي اقتصاد بحاجة إلى مختلف الأحجام والأشكال القانونية من الوحدات الاقتصادية، ويعود فضلية ليؤكد أن هذا القانون ليس جديداً من حيث الموضوع، بقدر ما هو تجديد وتعديل لمرسوم قديم منتهي الصلاحية مسجل بالرقم 61 لعام 2007، ومتعلق أيضاً بالتحول إلى شركات مساهمة عامة مغفلة.
تقييم المعايير
لا شك في أن لصدور هذا القانون الذي يحمل تشجيعاً للتحول بإعادة تقييم الأصول الثابتة (المادية والمعنوية) أهمية كبيرة، وفق توصيف رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية الدكتور عبد الرزاق قاسم، حيث يمكن لهذه الشركات إعادة التقييم للأصول بما يتناسب مع قيمتها الحقيقية الرائجة بتاريخ إعادة التقييم، وبما يتوافق مع معايير المحاسبة وإعداد البيانات المالية الدولية ومعايير التقييم الدولية المعتمدة في سورية، كما تمنح هذه الشركات حسب تأكيدات قاسم مزايا وإعفاءات من الضرائب والرسوم المترتبة على ذلك، حيث تُعفى من الفروقات الإيجابية الناجمة عن إعادة التقييم، كما يعفى تنازل الشركاء كلياً أو جزئياً عن الحصص بين بعضهم وبين أصولهم وفروعهم والتنازل إلى الشركاء الجدد، من الضرائب والرسوم، وذلك بنسب محددة في القانون، إضافة إلى إعفاء المبالغ المخصصة لاستكمال رأس المال إلى الحد الأدنى المطلوب لتأسيس شركة مساهمة عامة.

د. قاسم: التكاليف التي تظهرها القوائم الحالية هي تاريخية وليست حقيقية وبالتالي القانون خطوة مهمة لإعادة تمثيل القوائم المالية لواقع الشركات

ويضيف قاسم: “تُعفى الشركات المندمجة والشركاء فيها ومساهموها والشركات المندمجة فيها والشركات المساهمة المغفلة العامة الناتجة عن الاندماج أو التحول والشركاء فيها ومساهموها، من الضرائب والرسوم المترتبة على إتمام عملية التحول أو الاندماج، بما في ذلك رسوم نقل الملكية للموجودات الثابتة والمنقولة والحقوق المعنوية بكل أنواعها”، كل ذلك يخضع لاعتبارات عدة أهمها موافقة هيئة الأوراق والأسواق المالية فيما يتعلق بطلب التحول أو الاندماج وإجراءات الإصدار والطرح على الاكتتاب العام واعتماد أسهم الشركة المساهمة العامة.

علاج الإشكاليات
لكل قانون نظام يحكم سير عمله، كما تواجهه صعوبات ربما تحد من تأثيره على أرض الواقع، والتي تتجلى أمام هذا القرار بضرورة علاج مسألة عدم تمثيل أو تعبير القوائم المالية الحالية للشركات القائمة عن المراكز المالية الحقيقية للشركات، ويعود ذلك برأي قاسم لعدة أسباب أهمها التضخم، عدا كون التكاليف التي تظهرها هذه القوائم حالياً تعكس التكاليف التاريخية وليس الحقيقية، بالتالي يعد هذا القانون خطوة مهمة لإعادة تمثيل القوائم المالية لواقع الشركات.

ويعود الدكتور عبد الرزاق قاسم رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية ليؤكد أن إمكانية إدخال شركاء جدد إلى الشركات في ظل منحهم إعفاءات ضريبية بعد إعادة تقييم قيمة أصول الشركة هي أمر إيجابي، بالتوازي مع ما يمنحه نص القانون من تنازلات في الحصص (بين الشركاء الحاليين وكذلك إلى الشركاء الجدد) إعفاءات من الضرائب والرسوم المترتبة على ذلك، الأمر الذي يتيح لمالكي المنشآت شبه المدمرة والمتوقفة عن العمل حالياً إعادة تقييم أصول هذه الشركات بقيمها العادلة وإدخال شركاء جدد ما يسمح بإعادة ترميمها وإعادتها إلى العمل.
يضاف لذلك ما يسمح به إعادة تقييم الأصول للشركات من تعزيز للمراكز المالية لهذه الشركات، الذي بدوره سينعكس على حقوق الملكية، في حال صدرت عن إعادة التقييم فروقات إيجابية في الشركات المُعاد تقييم أصولها، ما يسمح للقطاع المصرفي الذي كان يقف عاجزاً عن منح القروض للشركات بسبب تدني حقوق الملكية فيها، بزيادة إمكانية منح القروض للشركات لتمويل نشاطاتها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار