جهود كبيرة للتوسع بالمدارس الدامجة المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة بطرطوس

تشرين – دارين جديد: 

السنوات الخمس الأولى من حياة الإنسان من أهم المراحل العمرية، نظراً لدورها المحوري في تكوين شخصية الطفل، وبلورة مراحل نموه الأولى، فكيف إذا كان الطفل من ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، وما يتطلب ذلك من رعاية وبرامج أكاديمية تعليمية مناسبة، تشكّل حجر الأساس في تطور حياته واندماجه الناجح في المجتمع مستقبلاً .

تفاحة: مراكز التدخل المبكر لذوي الإعاقة مفتوحة للجميع ومجاناً 

تنمية القدرات 

تسهم التربية المبكرة لذوي الإعاقة في تنمية قدرات الطفل العقلية والحركية، وتحسين سلوكه الاجتماعي والانفعالي. هذا ما أكده مدين تفاحة أمين عام المجلس الفرعي للإعاقة بطرطوس لـ”تشرين”، الذي أشار في الوقت ذاته إلى أهمية وفاعلية البرامج التأهيلية بتدريب طفل التوحّد، ومنها برامج «البورتيج» أو برامج النطق في عمر صغير للأطفال المتأخّرين لغوياً، وحسب تفاحة نجحت هذه البرامج في دمج الأطفال ذوي الإعاقة في مدارس التعليم الرسمي، المدارس الدامجة بعد خضوعهم لدورات خاصة في مراكز “أنا وطفلي” التابعة لوزارة الصحة.

قلة مراكز الريف 

وعن عدد المراكز وتوزّعها الجغرافي على مستوى المحافظة، أوضح تفاحة أن مراكز التدخّل المبكّر “أنا وطفلي” الحاليّة تتبع لمديرية الصحة، وتتوزع في طرطوس وبانياس والشيخ بدر ودريكيش وصافيتا، وهذه المراكز أبوابها مفتوحة للأطفال ابتداءً من عمر السنتين، وتقدّم خدمات النطق وعلاج التوحّد ومتلازمة داون والإعاقة الذهنية، وهي خدمات مجانية.

وتوقف تفاحة عند مشكلة التوزّع الجغرافي بالنسبة لعدد مراكز التأهيل، فالعدد كافٍ ضمن المدينة الواحدة لكن في الريف هناك مشكلة حقيقية مرتبطة بضعف الخدمات، إضافة إلى مشكلة النقل والمواصلات التي منعت الأهالي من الوصول إلى هذه المراكز، والأسعار المرتفعة في المراكز الخاصة نظراً لارتفاع تكاليف الوسائل التعليمية والتدريبية والأدوات المستخدمة ضمن المراكز وأجور المعلمين والاختصاصيين.

عروس: زيادة أعداد تلاميذ الإعاقة في المدارس الدامجة بمعدل 40 تلميذاً سنوياً 

زيادة الأعداد 

في حديثها لـ”تشرين” أوضحت شذى عروس، رئيسة شعبة التربية الخاصة في مديرية تربية طرطوس، أن قبول التلاميذ ذوي الإعاقة في المدارس يتم بقرار من اللجنة المحليّة، وفق بطاقة معايير قبول التلاميذ ذوي الإعاقة في مدارس التعليم النظامي والمدارس الخاصة المعتمدة من وزارة التربية، ويتم التقيّد بتعليمات القيد والقبول وفق المادة ٩ من النظام الداخلي لمدارس التعليم الأساسي، حيث يتم تقييم الطفل من اللجنة المحليّة التي تضمّ منسق الدمج وطبيب الصحة المدرسية وموجهاً تربوياً ومرشداً نفسيّاً، ويتم اختبار الطفل في المجالين الإدراكي واللغوي، ووضع الملاحظات السلوكية بعد التطبيق، وذلك بالاعتماد على الدليل الإجرائي لبطاقة المعايير.

ولفتت عروس إلى وجود زيادة ملحوظة في أعداد تلاميذ الإعاقة المقبولين في المدارس الدامجة بمعدل 40 تلميذاً سنوياً .

خطة للتوسع

يبلغ عدد المدارس الدامجة في محافظة طرطوس- حسب مديرية التربية- ٢٤ مدرسة، موزعة على مدينة طرطوس وريفها، وهي ٦ مدارس في المدينة و١٨ مدرسة في الريف، ويتم التوسع في أعداد المدارس الدامجة وفق خطة وزارة التربية الهادفة لتقديم خدمات تربوية مساندة لأكبر عدد من التلاميذ وتجهيز غرف المصادر بالتجهيزات والمستلزمات الضرورية.

بركات: دعم قدرات ذوي الإعاقة المعرفية والمهنية

أنشطة للدعم النفسي 

النظر إلى الإعاقة ليس محصوراً بالناحية الطبية فقط، فالمعوق يستطيع أن يصبح مبدعاً وناجحاً واجتماعياً بامتياز إذا حصل على التأهيل والتدريب السليم، هذا ما أكدته الدكتورة مايا بركات رئيسة دائرة البحوث في مديرية التربية، وأضافت: إنّ تحسين جودة الخدمات المقدّمة للتلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الدامجة، وتجهيز غرف المصادر بكل الوسائل التعليمية اللازمة، والأهم بناء قدرات معلمات غرف المصادر وتنمية مهاراتهم التعليمية والنفسية، كل ذلك يتم من خلال إلحاقهم بدورات تدريبية في مجالات عدّة تتعلّق باختصاصهم، وهذا كفيل بالوصول لتحقيق الغايات المرجوة.

وأشارت إلى أن دائرة البحوث تقوم عن طريق شعبة التربية الخاصة بتقديم سلسلة من الأنشطة غير المنهجية للتلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة، في المجالات الثقافية والترفيهية والأنشطة المكتبيّة والنفسيّة والاجتماعية، والعمل على دعم قدرات هؤلاء التلاميذ، من خلال تسليط الضوء على تلك القدرات سواء كانت معرفية أم مهنية، وتعزيز مشاركة بعض هؤلاء في العديد من المعارض التي تنظّم على مستوى المحافظة.

في سياق متصل تابعت بركات: تعمل مديرية التربية، وفقاً للتعليمات الوزارية، على تسهيل تقدّم هؤلاء لامتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية في المركز الصحي، ومشاركة الطلاب ذوي الإعاقة في الأنشطة والفعاليات التي تنفذها دائرة البحوث في الأيام العالمية، كاليوم العالمي للإعاقة، إضافة إلى مشاركة الطلاب في المسابقات الدولية التي تشارك فيها وزارة التربية، مثل مسابقة تحدي القراءة العربية وغيرها.

أخيراً: إنّ إيلاء هؤلاء الأطفال رعاية مبكّرة، وتقديم كل الاحتياجات والخدمات لهم، إضافة لزيادة عدد المراكز التي تستقبلهم لتشمل كل مناطق المحافظة، كل ذلك كفيل بأن نصل لأطفال مبدعين وناجحين اجتماعياً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار