واقع خدمي يحتاج للإنعاش.. مشاريع وأحلام على الورق فقط ..!
تشرين – ضياء الصفدي:
لا يرقى الواقع الخدمي في محافظة السويداء إلى الحد الأدنى من المتطلبات اللازمة للمواطنين، بلديات تعتمد مبدأ ترقيع الطرقات وشبكات إنارة طرقية لم يبقَ إلا بضعٌ منها، وحدائق تكسوها الأعشاب، ووصلت لأشجارها ومقاعدها أيدي الحطّابين، وشبكات صرف صحيّ مهترئة ..!
واقع لا يسرّ
مطالب المواطنين اليومية من المجالس البلدية كثيرة والصورة التي أصبحت عليها بعض المدن والبلدات لا تسرّ، بدليل تردّي الطرقات في المدن والبلدات وتردّي الوضع العام للحدائق وإنارة الطرقات ومشاريع الصرف الصحي، وعدم القدرة على الاستملاك.
في المقابل تعاني الوحدات الإدارية من ضعف الإيرادات المالية والنقص في الكوادر العاملة والآليات، حيث تقع على عاتق هذه الوحدات مسؤولية مباشرة لتوفير الخدمات، وعليها أن تكون قادرة على التخطيط وتنفيذ المشاريع التي تعود عليها بإيرادات، وإيجاد حالة من التكامل بين الدورين التنموي والخدمي وهو الهدف الأساس لقانون الإدارة المحلية.
ضعف التمويل والمشاريع على الورق
يتحصّن المسؤولون بقانون الوحدات الإدارية، الذي ينصّ على أن تمويل المجالس المحلية ذاتيّ، في وقت تعاني الأغلبية العظمى من المجالس المحلية في المحافظة ضعف الإمكانات المادية وندرة الاستثمارات، والمشكلة تكمن في الموازنة الذاتية للوحدات الإدارية, مع العلم أن قانون الوحدات الإدارية ينصّ على أن تمويلها ذاتي وموازنتها ذاتية، كما تعتمد على فرض الرسوم والضرائب والمشاريع الاستثمارية، لكن المحافظة تعلم واقع حال الوحدات الإدارية, وضعف إمكاناتها، لذلك تقدّم لها المعونات المالية، ومؤخراً طلبت المحافظة من رؤساء المجالس المحلية طرح أفكار لمشاريع استثمارية، بحيث يمكن لأكثر من مجلس تنفيذ مشروع تستفيد منه عدة قرى متجاورة، لكن التمويل المطلوب للتنفيذ خارج الإمكانات، والمشاريع بقيت على الورق.
بلديات تعتمد مبدأ ترقيع الطرقات، وشبكات إنارة طرقية لم يبقَ إلا بضعٌ منها
الكثير من الوحدات الإدارية في المحافظة واجهت عدداً من المشكلات التي أثّرت سلباً في الأداء والتنفيذ، بدءاً من ضعف التمويل والقوانين الخانقة للمخططات التنظيمية، ومجالس المدن التي لم تستطع استثمار إمكاناتها المتاحة، إضافة لعدم امتلاك بعض هذه المجالس أملاكاً لاستثمارها والاستفادة من ريعها، بل تنتظر المساعدات والإعانات والإيرادات الذاتية من الرسوم المستوفاة من جباية ومخالفات لا تكفي حتى لتخديم البنية التحتية في بناء المجالس نفسها.
قانون النظافة خارج حسابات الوحدات الإدارية
المتابع للواقع البيئي في المحافظة يدرك تماماً أن بنود قانون النظافة لا تطبّق، وذلك بمسوغ النقص الشديد في أعداد عمال النظافة، الذي أصبح اللغة المنقذة لرؤساء الوحدات الإدارية، والمشكلة الأكبر اليوم هي معاناة معظم قرى المحافظة من المكبّات العشوائية، ونتيجتها النهائية أضرار بيئية وأخطار صحية.
ويشكو أهالي بعض الأحياء في مدينة السويداء من تراكم النفايات في الشوارع، مؤكدين أن البلدية تقوم بجمع القمامة مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً، بينما الكثافة السكانية تتطلب جمعها كل يوم، وأن وعود مجلس المدينة لم تنفّذ على أرض الواقع.
تدهور واقع النظافة، دفع الكثير من الأهالي للمطالبة بحلّ جذري، لكن لم يتلقّوا سوى وعود – حسب تأكيدهم – ورغم قيامهم مع منظمات المجتمع المدني بحملات نظافة بين الحين والآخر، إلا أن الوضع لم يتحسّن في ظل تأخر جمع القمامة من قبل مجلس المدينة.
تؤكد مواطنة من سكان حي الخريج شرق مدينة السويداء معاناتهم من تقصير عمال النظافة، إذ تبقى النفايات متراكمة في الحيّ لأيام،
وعندما يُفرّغ عمال البلدية الحاوية يتركون الأوساخ المتراكمة بجانبها.
ويشير مواطن آخر من سكان الحي إلى أن النفايات ملأت الحاويات وفاضت عنها، ما ينذر بانتشار الأمراض، والروائح الكريهة التي تزداد حدّة مع مرور الوقت و التأخير في ترحيل النفايات. بينما يرى مواطن آخر أن هذه الظواهر بدأت بالتلاشي والتحسّن، فمنذ بداية العام لا تراكمات كبيرة والواقع الآن أفضل من السابق.
ضعف الإيرادات المالية ونقص في الكوادر العاملة والآليات
في المقابل يعاني مجلس المدينة صعوبات عديدة، في مقدمتها نقص عدد العمال والآليات والحاويات، في ظل ازدياد عدد سكان المدينة وخاصة المناطق الغربية، ما يدفعه لإرسال آليات ثقيلة لتنظيف القمامة المتراكمة، وهذا يتسبب بأعباء مادية إضافية على المجلس، عدا عن تضرر الحاويات من الآليات الثقيلة.
الحاجة لضعفي الإمكانات الحالية
يبيّن نائب رئيس مجلس مدينة السويداء سامر عزي أنه لتخديم المدينة بالشكل الأمثل يحتاج المجلس ضعفي الإمكانات الحالية، حيث يخدّم المدينة حالياً وفق الإمكانات المتاحة ٧٠ عاملاً و نحو ٦٠٠ حاوية و١٣ آلية، مع محاولات متواصلة لتعيين عمال نظافة بعقود موسمية لسدّ النقص الحاصل، لكنْ هناك إحجام عن هذا العمل وعدم وجود اعتمادات مالية للتعيين، حيث تحتاج المدينة إلى ٢٠٠ عامل وضعف عدد الحاويات وإلى ٢٠ آلية نظافة، وقد قام المجلس بطلب ٦ آليات مجهّزة بمكابس وبانتظار الرد، وتمت المطالبة بحاويات حديدية أيضاً لأن البلاستيكية تتم سرقتها فوراً .
وأكد أنه تم مؤخراً استبدال الحاويات المهترئة بأخرى جديدة، ويقوم المجلس بإرسال آليات ثقيلة في حال تراكم النفايات بسبب الضغط السكاني في الأحياء الغربية، بالإضافة إلى حملات النظافة التي يقوم بها. مشيراً إلى أن المجلس يبذل كل طاقاته بالإمكانات والموارد المتاحة من غير كللٍ أو ملل.
من أكثر الأمور الملحّة أيضاً شبكات الطرق داخل المدن والبلدات في السويداء، والحال التي آلت إليها وما تعانيه من تكسير وحفر، أدت إلى عرقلة حركة السير أولاً وما نتج عنها من حوادث مؤلمة، وتعرّض الآليات والمارة للخطر، لما تعانيه الطرق من ترقيع وتكسير منذ أعوام، فازدياد اتساع الحفر وعمليات الترقيع المتتالية على هذه الطرقات تزيدها سوءاً بالاستخدام، حيث تُقتلع قطع الترقيع لكثرة الاستعمال ولعدم تجانسها مع النسيج الأساسي لهذه الطرقات فتتسع أكثر مما كانت عليه.
العمل على طرح الحدائق العامة للاستثمار
ويضيف عزي: إن المجلس يبدأ بحملات ترميم وصيانة الطرق قبل بداية الصيف، لأن الموضوع في الشتاء غير ممكن فنياً، والإمكانات ضعيفة ولا تسمح بتزفيت طرق بشكل كامل، بل صيانتها وترميم الجوَر والحفر، وبالمقابل باشر المجلس بشقّ أكثر من طريق على ساحة المحافظة لتخديم بعض الأبنية والأحياء.
طرح الحدائق العامة للاستثمار
عن واقع الحدائق التي سادت فيها الأعشاب وغابت الورود والأشجار، حتى إن بعضها تعرّض للحوادث كالتحطيب أو سرقة المقاعد، وأعمدة الإنارة التي خرجت أغلبيتها عن العمل، أكد عزي العمل حالياً على طرح الحدائق العامة للاستثمار، بما يعود بالفائدة على الحديقة ويحافظ عليها، ويعود بالنفع على المجلس من إيرادات الاستثمار، ويقوم المجلس بأعمال الصيانة للحدائق، بالرغم من التعدّيات على موجودات الحديقة وسرقتها والاعتداء على حراس الحدائق من قبل ضعاف النفوس، وبالنسبة لإنارة الطرق فيتم العمل حالياً على مشروع بالتعاون مع المفوضية السامية للاجئين، حيث قدمت للمجلس ٢٠٠ جهاز إنارة بالطاقة البديلة لإنارة الطريق المحوري من دوار العنقود حتى دوار الجرة بالطاقة البديلة، وستنتهي أعمال المشروع خلال شهر، ليتم الانتقال بعده لطرق رئيسية ثانية.
خطوط صرف صحي قديمة ومهترئة
لم تعد خطوط الصرف الصحي لمدينة السويداء تلبي الحاجة المرجوة منها، وخاصة أنه مضى على تنفيذ بعضها أكثر من عشرين عاماً، فشكاوى الأهالي من مياه الصرف الصحي المتسرّبة من هذه الخطوط كثيرة.
مياه الصرف الصحي تشكّل المعاناة الأكبر
ولاسيما في ظل ما تسببه لهم من تلوث بيئي نتيجة انبعاث الروائح الكريهة، ولا تزال تشكّل المعاناة الأكبر عند معظم أهالي قرى وبلدات السويداء، نتيجة تجمّعها على شكل مستنقعات بجانب منازل المواطنين، أو ضمن الأراضي الزراعية في الريف كحال أهالي ( بلدة قنوات، والرحى، ومصاد، وعرمان وسليم وسهوة الخضر). وعدم وضع حلول لتلك المشكلات أصبح – على حدّ ما أكده عدد من الأهالي – بمنزلة البؤرة الملوّثة للهواء والماء، من جراء ما ينبعث منها من روائح كريهة وحشرات ضارّة ناقلة للأمراض المعدية، والتي ستتفاقم بكل تأكيد مع قدوم فصل الصيف.
الواقع المزري العاصف بتلك القرى والبلدات ما كان ليكون لولا تأخر الجهة المنفذة بإنجاز تلك المشروعات، بذريعة عدم توافر المحروقات تارة، وعدم صرف فروقات الأسعار تارة أخرى، والأهم هو تنصّل الوحدات الإدارية من مسؤولياتها إزاء تلك المشروعات، تحت مسوّغ أن الأعمال المتعلقة بمشروعات الصرف باتت منوطة بشركة الصرف الصحي.
صعوبات
مدير عام شركة الصرف الصحي في السويداء، المهندس جهاد زين الدين يورد صعوبات عديدة تعترض عمل الشركة، في مقدمتها عدم القدرة على القيام بأعمال الصيانة لشبكات الصرف الصحي المنفذة فيما مضى، من جراء عدم انتهاء اللجان المشكّلة والمكلّفة بجرد ونقل الموجودات الخاصة بالصرف الصحي من الوحدات الإدارية من تجهيزات وآليات وكوادر بشرية إلى الشركة، إضافة لعدم توافر الآليات الهندسية اللازمة لإنجاز العمل، المترافق مع عدم تزويد الجهة المنفذة للمشروعات بكميات كافية من المازوت للانتهاء من الأعمال، ما انعكس سلباً على وتيرة الإنجاز، والأهم ارتفاع أسعار المواد الداخلة في تنفيذ المشروعات بشكل يوميّ ، ما أدى إلى عزوف المتعهدين عن التقدّم للمناقصات، بالإضافة إلى أن الكثير من خطوط الصرف الصحي لمدينة السويداء قديمة جداً، وأقطارها لم تعد تستوعب مياه الصرف الصحي، وخاصة في ظل التزايد السكاني الذي شهدته مدينة السويداء خلال السنوات الماضية، لذلك أصبح من الضروري استبدالها، إلا أن ذلك يتطلّب رصد اعتمادات مالية لتنفيذ هذه الخطوط على ساحة المدينة، وبعض الخطوط عمرها الفني انتهى وبحاجة إلى استبدال، بالإضافة إلى ضعف نقاط اتصال الخطوط والتعديات عليها من قبل البعض لأغراض شخصية.
وأضاف : تزداد الأمور سوءاً، وخاصة خلال فصل الشتاء، وكلنا يعرف ما قد تسببه مياه الأمطار من فيضانات وبالتالي انسدادات بالخطوط من جراء تحويل معظم مجاري الأمطار إليها، ما قد يخلق مشكلات بيئية كبيرة، لافتاً إلى أن ورشات دائرة الصرف الصحي لدى المجلس تعاني نقصاً في الكادر العمالي والفني.