السياسة الخارجية الإيرانية في ندوة.. خرازي: لسورية دور مهم بالمجريات السياسية في منطقة غرب آسيا
تشرين.. هبا علي أحمد – بشرى سمير:
أقام المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين بالتعاون مع مكتبة الأسد- وزارة الثقافة ندوة سياسية لرئيس مجلس العلاقات الخارجية – وزير الخارجية الإيرانية الأسبق كمال خرازي بعنوان: “السياسة الخارجية الإيرانية”.
وحول التطورات المتعلقة بمنطقة غرب آسيا، قال خرازي : التجربة الإيرانية – السورية المشتركة تظهر أن أهم مكونات القوة في عالمنا هو المقدرة على المقاومة أمام نظام الهيمنة العالمي والتصدي لسياسات القوى الكبرى المتجبرة والجشعة، وكذلك المقدرة على دحض الأكاذيب الغربية، مضيفاً: سر القوة كان وسيبقى كامناً في الصمود والمقاومة والمستقبل رهينة هذه الحقيقة.
وأكد خرازي أن لسورية دوراً مهماً في المجريات السياسية في منطقة غرب آسیا، وأن الأوان قد حان لعودتها إلى جامعة الدول العربية وإعادة إعمارها وعودة النازحين وبداية عهد جديد من الطمأنينة والحياة السياسية والمبادرات الداخلية، مشدداً على ضرورة احترام السيادة الوطنية ووحدة التراب السوري وخروج كل القوات الأجنبية التي دخلت الأراضي السورية من دون دعوة الحكومة السورية بأسرع وقت.
كما أكد خرازي المواقف الثابتة لإيران تجاه سورية، ووجه التحية للمقاومة الصامدة في سورية شعباً وجيشاً بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، هذه القيادة الحكيمة التي هزمت المعتدين وأعادت الثبات والاستقرار السياسي إلى سورية بمساندة إيران وروسيا والحلفاء.
وقال: إن الولايات المتحدة كانت تراهن على التنظيمات الارهابيه لإسقاط الدولة السورية خلال ستة أشهر وقدمت دعماً كبيراً وتدريباً للتنظيمات الارهابيه مجموعات مرتبطة بها لقتال الدولة السورية، وعندما باءت مساعيها بالفشل وزادت ضغوط الكونغرس الأمريكي وبقية الحلفاء من أجل تحقيق شيء ما، اقترح الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في أيار ٢٠١٤ ميزانية خاصة “ضد الإرهاب” قوامها ٥ مليارات دولار خصصت لبعض الدول المجاورة لسورية، كما قامت وزارة الدفاع الأمريكية برصد ٥٠٠ مليون دولار منها لتدريب وتسليح التنظيمات الارهابيه السورية، وأقر نائب الرئيس آنذاك جو بايدن بعجز الإطاحة بالدولة السورية، لذلك تحولوا إلى إثارة الحرب الطائفية ودفعوا من أجل ذلك مئات المليارات من الدولارات وعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة لكل من له استعداد لمحاربة الدولة السورية ومنهم إرهابيون من تنظيمات “جبهة النصرة” و”داعش” و”القاعدة”، وهذه المعلومات وردت في كتاب منسق الشؤون للشرق الأوسط في عهد أوباما، فيليب غوردون “اللعبة طويلة الأمد: الوعد الكاذب في تغيير النظام في الشرق الأوسط”، والذي يحوي الكثير من المعلومات حول الجرائم الأمريكية في إيران وسورية وأفغانستان والعراق وغيرها.
وقدم خرازي تعازيه بضحايا الزلزال، مشيراً إلى إلى أن ما تعرضت له سورية من جراء الزلزال كذّب ادعاءات الدول الغربية حول اهتماماتها بحقوق الإنسان إذ تناست بقسوة مد المنكوبين السوريين بالمساعدات اللازمة.
وأشار كمال خرازي إلى أن الولايات المتحدة أضرمت خلال العقود الأخيرة حروباً مدمرة في هذه المنطقة الحيوية بدعوى مكافحة الإرهاب وإيجاد “الديمقراطية”، وأن هذه الحروب تسببت بمقتل الملايين من الأبرياء وتشريد المجتمعات والأسر والإطاحة بالحكومات وتفشي ظاهرة التطرف الديني، وعلى الرغم من ذلك منيت أمريكا بفشل ذريع ولم تحقق ما ادعته، وإن التدخلات الأمريكية في إيران وأفغانستان وسورية واليمن وليبيا والعراق والعديد من الدول نماذج لمقاربات ومنهج عدواني.
وأوضح خرازي أن سبب فشل أمريكا المستمر والمتلاحق هو عدم معرفتها بمنطقة الشرق الأوسط وتراثها الحضاري والاستهانة بقدرة الشعوب على المقاومة أمام العدوان وتنامي وعي الشعوب بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتكامل جبهة المقاومة في مواجهة الكيان الغاصب ودعمها للشعوب المظلومة.
وحول سياسة إيران الخارجية، أشار خرازي إلى أن مبدأ السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو دبلوماسية محور المقاومة، ومن أهم أهدافها، إضافة إلى التقدم العلمي والتقدم الاقتصادي، الارتقاء بالأمن الوطني لإيران وقدراتها الدفاعية الرادعة، مبيناً: يجب أن يتكئ الأمن على المكونات والقدرات الداخلية، ولا سيما أنها اختارت مواجهة النزعة السلطوية لدى القوى العظمى ورغبات القوى الغربية المتعنتة التي تعمل إيران على منع تغلغلها ونفوذها في منطقة غرب آسيا.
ولفت خرازي إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعدّ المملكة العربية السعودية بلداً كبيراً في المنطقة ومؤثراً في العالم الإسلامي، مضيفاً: لا يمكن لإيران أو السعودية أن يلغي أحدهما الآخر، وكقوتين رئيستين في المنطقة يجب أن يستخدما قوتهما في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية، مشيراً إلى الاتفاق على عودة العلاقات بين طهران والرياض بعد مساعي العراق وسلطنة عمان ومبادرة صينية.
وتابع خرازي: إيران تعرف كيف تستفيد من الفرص ولديها فن في اغتنام الفرص ومبادرة الاتفاق مع السعودية هي فرصة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن بعض الدول التي كانت تتآمر على إيران اليوم تقدم مبادرة الاتفاق والتحالف، لافتاً إلى أن الأعداء ولا سيما الكيان الغاصب لا يمكن أن يكونوا مسرورين بالنسبة إلى تحسن العلاقات بين الدول الإقليمية.
وأضاف: في ضوء التعاون بين دول المنطقة بعيداً عن التدخلات الخارجية ستؤسس منطقة قوية يعمها السلام والاستقرار.. منطقة تؤمنها بلدانها بالذات.. إن منهج التعامل والتعاون بدلاً من التأزم والتعويل على قدرات المنطقة سيؤول بلا شك إلى حلحلة كل المسائل والأزمات في المنطقة من دون أي تدخل أجنبي، فالتغيير الأفضل والأنسب لحل لغز الأمن في منطقة غرب آسيا والخليج العربي يأتي من خلال زيادة وتيرة المباحثات الأخوية والصريحة بين بلدان المنطقة.
وفي الشأن الفلسطيني، أكد خرازي أن جرائم الصهاينة مستمرة بلا رادع ولا حدود في فلسطين، مشيراً إلى أن التطبيع هو خيانة للقضية الفلسطينية وأبناء الشعب الفلسطيني فالكيان الصهيوني ليس له هدف سوى خلق التوتر في المنطقة وتستمر إيران في مواجهة هذا الكيان العنصري وغير الشرعي وستواجه أي تهديد لإيران وبلدان المنطقة، وأن الأزمة اليمنية لا تزال من أهم مصادر القلق في المنطقة، ومنذ البداية رأت إيران أن لا حل عسكريا لهذه الأزمة، واليوم بعد حوالي تسع سنین من حرب ودمار، أقر الجميع ومنهم من تسبب وقام بالتدمير، بهذه الحقيقة، مجددا التأكيد على موقف إيران المبدئي حول ضرورة وقف إطلاق النار وفك الحصار وتهيئة أجواء الحوار اليمني – اليمني، لافتاً إلى دعم بلاده تشكيل حكومة قوية في لبنان..
وفي الشأن الأوكراني، أشار خرازي إلى أن الأزمة الأوكرانية ستشكل نظاماً عالمياً جديداً وستؤثر في كيفية التعامل بين القوى العالمية خلال السنوات القادمة، لافتاً إلى أنه سيتمخض عن هذا النظام العالمي الجديد تغير في مواقع البلدان وهذه حقيقة برهنتها العلاقات الدولية على مر التاريخ وفي المرحلة الراهنة على وجه الخصوص، إذ إن مواقع البلدان في أي أمر مستحدث تفرضها القدرة واستعدادها وكذلك صمود أي بلد أمام التحديات والضغوط التي مارستها وتمارسها ضده قوى أخرى.
وتابع خرازي: يمكن صياغة هذه الحقيقة من خلال الممارسة التي تعرف بسياسة المقاومة والتي دأبت عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية ولا سيما خلال العقد المنصرم، الأمر الذي أظهر العداء اللدود من قبل الغرب والكيان الصهيوني والرجعية الإقليمية التي خضعت للقوى المعادية.
بدوره، قال مدير المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين الدكتور عماد مصطفى والذي أدار الندوة: نقطة الالتقاء المشتركة بين سورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي دعم فلسطين والوقوف إلى جانبها.
ورداً على مداخلات الحضور، ولا سيما فيما يتعلق باللجنة الرباعية والاجتماعات بين إيران وتركيا وسورية وروسيا، أعرب خرازي عن تفاؤله بالقول: هناك انفتاح في العلاقات التركية والسورية مستقبلاً من خلال اجتماعات هذه اللجنة.
وعن تحركات الشغب في إيران، أشار خرازي إلى أنه في الفترة الأخيرة بدأت تحركات مشبوهة في محافظات إيرانية عدة لكن الشعب استطاع مواجهة هذه التآمرات، لافتاً إلى أن المعارضة الموجودة في الخارج كانت تعتقد أنها تستطيع هز الأعمدة الراسخة في السياسة الإيرانية، وتم إحباط هذه التحركات.
أمين مجلس العلاقات الخارجية في وزارة الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، لفت إلى أن المشكلة الرئيسة بالنسبة للاتفاق النووي هي الضمانات بعدم خروج الولايات المتحدة منه مجدداً، إضافة إلى تقديم وثائق كاذبة من قبل الكيان الصهيوني للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول منشآت إيران النووية.
حضر الندوة عدد من مديري الإدارات في وزارة الخارجية والمغتربين والسفير الإيراني في دمشق مهدي سبحاني، وسفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدين بدمشق وقادة وممثلي الفصائل الفلسطينية وفعاليات علمية وثقافية واجتماعية ودينية.
ت: طارق الحسنية