تكاليف الإنتاج لا تنطبق على مبيعات الحقل وأسعار المستلزمات ترهق كاهل المزارعين
تشرين – طلال الكفيري:
باتت الأسعار الكاوية لمستلزمات الإنتاج الزراعي بدءاً من البذار وانتهاءً بأجور الحراثة، تقف حجر عثرة أمام عجلة العملية الزراعية في السويداء، ولاسيما الخضار بشقيها الشتوي والصيفي، ليصبح كار الزراعة وللأسف الشديد مجرد مغامرة مادية لا أكثر، لكونها لم تعد تحقق الريعية الربحية المرجوة منها.
واقع زراعة الخضار المرير، وارتفاع أسعار مستلزماته أبقى المزارعين وحسبما أشار عدد منهم لـ”تشرين” أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإما الإحجام عن زراعة أراضيهم، وبالتالي تركها بوراً، وإما “المجازفة” مادياً وزراعتها، وتَحمل تلك التكاليف المثقلة لكاهلهم، والتي سينتج عنها في نهاية المطاف ديون مالية من المحتمل أن يقفوا عاجزين عن سدادها في نهاية الموسم.
كيف لا وأسعار مستلزمات الإنتاج أصبحت تساوي أضعاف المبيع، فمن يتتبعها سيلحظ أنها في سباق مع الزمن فمثلاً وصل سعر ظرف بذار البندورة إلى نحو 300 ألف ليرة يكفي لزراعة دونم واحد فقط، و سعر ظرف بذار البطيخ نحو 250 ألف ليرة، ناهيك بأجور الفلاحة التي وصلت إلى 50 ألف ليرة للدونم الواحد، ولتأتي أسعار الأسمدة التي ارتفعت مؤخراً “لتزيد في طنبور الغلاء نغماً” حيث وصل سعر طن اليوريا في الأسواق المحلية إلى 6 ملايين ليرة، إضافة لوصول سعر المتر المكعب من السماد العضوي إلى نحو 450 ألف ليرة، ولتبقى تكاليف اليد العاملة وأجور النقل التي حلقت هي الأخرى بشكل غير مسبوق وأصبحت تحتاج إلى ميزانية مالية كبيرة ولاسيما بعد أن وصلت أجور السيارات الناقلة للإنتاج من السويداء إلى سوق هال مدينة دمشق إلى نحو 600 ألف ليرة، عدا عن الكمسيون الذي يتقاضاه القائمون على السوق من الفلاحين.
ولتبقى معاناتهم مع تسويق المنتج هي الأهم ولاسيما بعد أن يصبح إنتاجهم في طور القطاف والتسويق، نتيجة عجز المنافذ التسويقية في المحافظة المقتصرة على أسواق صغيرة عن استجرار كامل الإنتاج، ما أبقاهم دائمي البحث عن منافذ تسويقية أخرى، لذلك وفي ظل تلك المنغصات الزراعية لم يعد أمام المزارعين سوى العزوف عن إكمال خطتهم الزراعية، لكون نهايتها ستمهر بخسائر مالية لا محالة.
ورغم كل تلك المنغصات التي باتت تشكل “حجر” عثرة في وجه الفلاحين، إلّا أن الدعم الزراعي الذي من المفترض أن يقدم لهم من وزارة الزراعة واتحاد الفلاحين، ما زال بعيداً عنهم كل البعد.
معاون مدير زراعة السويداء علاء شهيب بيّن لـ”تشرين” أن خطة زراعة السويداء لمحاصيل الخضار هي ٩٢٠ هكتاراً وقد نفذت بالكامل فالدعم الزراعي لهم يتم وفق الإمكانات المتاحة، وأولوية توزيع السماد حالياً هي لمزارعي القمح، ومن ثم لمزارعي الأشجار المثمرة والخضار.
مضيفاً هناك الكثير من المزارعين يقومون بتسويق منتجهم إلى سوق هال مدينة السويداء، إلّا أن السوق لا يستهلك كامل إنتاج المحافظة من الخضار، ما يدفع بعض المزارعين للذهاب بإنتاجهم إلى سوق هال مدينة دمشق، لافتاً إلى أن توزيع مادة المازوت لزوم تشغيل المولدات الخاصة بالآبار الزراعية، التوزيع يتم وفق الخطة الزراعية المقررة فهناك الكثير من الفلاحين يتجاوزون الخطة، وبالتالي ليس من أحقيتهم الحصول على مادة المازوت.
بدوره أكد نائب رئيس اتحاد فلاحي السويداء طلال الشوفي أن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج شكّل وبكل تأكيد انعكاسات سلبية على المزارعين و المستهلكين في آن واحد، لأن زيادة تكاليف الإنتاج ستؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات الزراعية سواء خضاراً أو فواكه في السوق المحلية، والخاسر هنا هو الفلاح الذي يبيع بأقل من سعر التكلفة، إضافة للمستهلك الذي يشتري من البائع أو التاجر وليس من الفلاح مباشرة بأسعار مرتفعة.