بعد ارتفاع أسعارها.. إعادة تدوير البطاريات الكهربائية تراوح بين تجارب فردية وامتهان حرف مستحدثة
تشرين:
قبل عدة سنوات كان بالإمكان بدل لعن الظلام بسبب الظروف المعروفة شراء بطارية كهربائية وعدة «ليدّات» للإضاءة بحوالي (25) ألف ليرة سورية للبطارية الكبيرة التي يمكن أن تشحن جهاز التلفاز والموبايل وهي من النوع الذي يستخدم للسيارات، ومن تعذّر عليه ذلك يشتري بطارية صغيرة أو متوسطة بخمسة آلاف ليرة، وكانت الإنارة تكفي لإضاءة غرفة ومنتفعات ولو بضوء يسير، ثم بدأ التفكير بصوت عال بالطاقة الشمسية وكانت الأسر تدرس الوضع المادي والتكلفة، وقبل أقل من سنة ونيف كانت أسعار أربعة ألواح من الطاقة الشمسية وبطارية أنبوبية و«انفيرتر» تكلف حوالي مليون ونصف المليون إلى مليونين.. فما كان من بعض الأسر إلا التريث على أمل أن تنخفض الأسعار قليلاً.
يقول أبو وهيب: لديّ أربعة أبناء في المدارس والجامعات والضوء شيء ضروري للدراسة، وكنا قادرين على شراء البطاريات و«الليدّات» واستخدامها، لكن خلال سنة أصبحنا كأننا على كوكب آخر، حيث بدأت الأسعار بالارتفاع بشكل غير منطقي بل خيالي فالبطارية الكبيرة أصبح سعرها يفوق خمسمئة ألف ليرة سورية والمتوسطة يتجاوز سعرها ثلاثمئة ألف ليرة سورية.. أما التفكير بخيار الطاقة الشمسية فهو خيار لأصحاب الدخول العالية جداً وأعرف أصدقاء يعملون بمهن وحرف وليس بوظائف ودخل بسيط لا يملكون الجرأة لمشروع الطاقة الشمسية الذي بات يكلف بمعدل ثمانية ألواح وبطاريتين أنبوبيتين و«انفيرتر» أي ما يتجاوز العشرين مليون ليرة سورية .
ويقول زياد (معلم كهرباء سيارات): نحاول في الورشات إعادة تدوير البطاريات وإطالة أمد استخدامها وأحياناً نجدد في ذلك عن طريق إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، وهي خطوة أساسية من أجل جعل هذه السيارات أكثر صداقة للبيئة، لكن يبدو أن الطريق مازال طويلاً أمام الوصول لهذا الهدف بسبب نقص المواد الخام اللازمة والتنسيق بين الشركات العاملة في إنتاج هذه البطاريات.
وفي السياق العالمي نقلت مجلة «أوتوموبيل فوشه» الألمانية عن خبراء قولهم: إن غياب المعايير الموحدة لصناعة البطاريات يجعل عملية إعادة التدوير معقدة، في حين أنه لا يوجد عدد كاف من السيارات الكهربائية التي تم «تكهينها» في العالم لإعادة تدوير بطارياتها.
وحسب معهد أوكو الموجود في برلين، فإن إجمالي وزن البطاريات المستخدمة في السيارات الكهربائية التي يمكن إعادة تدويرها يبلغ 100 ألف طن سنوياً، ومن المنتظر وصول الرقم إلى مليون طن سنوياً خلال عشرة أعوام.
ويمكن للبطاريات التي يعاد تدويرها العمل بنسبة 80 في المئة من طاقتها الأصلية، في الوقت الذي تركز فيه صناعة السيارات الكهربائية على خفض التكلفة وزيادة عائد عملية إعادة التدوير.
ومقارنة بهذه الأهداف فإن خطط إعادة التدوير في شركات السيارات الكبرى تبدو ضئيلة للغاية. وتختبر فولكسفاجن الألمانية أكبر منتج سيارات في العالم عمليات إعادة التدوير في مصنعها بمدينة سالتسجيتر لمدة عامين، وتريد إعادة تدوير 1500 طن من بطاريات السيارات الكهربائية سنوياً.
وتتعاون شركة مرسيدس بنز الألمانية مع شركة إعادة تدوير البطاريات بريموبيوس لبناء مصنع في مدينة كوبينهايم الألمانية لإعادة التدوير بطاقة 2500 طن، وقد تم وضع حجر أساس هذا المصنع.
ونظراً لأن البطاريات التي يتم تركيبها في السيارات الكهربائية ستظل مستخدمة لبعض الوقت، لذلك لا تتوقع الشركات المصنعة إعادة عدد كبير من البطاريات لإعادة تدويرها حتى نهاية العقد الحالي. علاوة على ذلك ستبدأ إعادة تدوير البطاريات بتحويلها إلى وحدات ثابتة لتخزين الطاقة.
وحتى تصل البطاريات في السيارات المنتجة حالياً لنهاية عمرها، تعتمد عمليات إعادة التدوير حالياً على سيارات الاختبارات والنماذج الاختبارية، كما ترفع شركات إعادة التدوير من خارج صناعة السيارات طاقتها التشغيلية ببطء.
ويقول كاي بيتر بيركه أستاذ الفيزياء للمجلة الألمانية: إن هناك عقبة أخرى يجب التغلب عليها، وهي أن البطاريات الحالية غير مصممة لكي يمكن إعادة تدويرها، ويجري بيركه أبحاثه في مجال إعادة تدوير البطاريات في جامعة شتوتغارت ومعهد فروانهوفر للهندسة التصنيعية والأتمتة.