بغداد… ما بين الرصافة والجسر

تشرين-د.رحيم هادي الشمخي:
ما أجمل بغداد، وما أحلاها، ما أسعدها من مدينة عربية، بناها عاشقها أبو جعفر المنصور، لتكون رمزاً عربياً على نهر دجلة، احتضنت العلماء وأعمدة القوم من كل حدب وصوب، أصبحت مناراً للعلم والأدب والرحالة، في شارع الرشيد وقف باني مجدها (هارون الرشيد) لقول كلمته المشهورة: «بغداد ما أجملها مدينة وما أكثر مدارسها التي عُنيت بالعلم والفقه والبلاغة، جذبت آلاف الدارسين إليها لينهلوا من معارفها فنون الأدب والثقافة».
بغداد أم الدنيا وأيقونة الحضارة، علّمت البشرية كل مفاخر التقدم الحضاري، كان الخليفة المأمون شاعراً يكتب كل صنوف الشعر العربي، وإلى جانبه شعراء وأدباء وفلاسفة مثل أبي نواس وأبي العلاء المعري والبحتري وقد شكّل مجلساً للشعراء وتنقيح الكتب التي يتم تأليفها، والترجمة في لغاتها في الحاضرة العربية بغداد التي وصفها الشاعر الكبير (علي بن الجهم) قائلاً:
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
ولبغداد وعاشقها الممجد هارون الرشيد إنجازات أدبية وعلمية، فقد بنى المدرسة المستنصرية وأكمل أقسامها الدراسية الخليفة (المستنصر بالله) العباسي، حيث أمّها الكثير من الطلاب من خراسان وسمرقند والصين والهند ومصر والشام وبلاد فارس والروم يتعلمون فيها أبجدية الحرف العربي، والمعارف العلمية والأدبية والفلسفة وأصول الدين، وكان شارع المتنبي أكبر شوارع بغداد لبيع الكتب النادرة، ينهل منها طلاب العلم دراساتهم.
هذه بغداد، قال عنها الشعراء والأدباء ما شاؤوا ما بين الرصافة والجسر، والرصافة الجانب الأيمن على نهر دجلة، والجانب الأيسر (الكرخ)، ويربط الجانبين (الجسر) الذي بناه الخليفة (أبو جعفر المنصور)، كما قام الخليفة هارون وابنه المأمون ببناء خمسة جسور أخرى على نهر دجلة، قالت الدكتورة (بنت الشاطئ) عائشة عبد الرحمن في حق بغداد:
نادي لهيف الهوى بغداد ناديني
ومن ماء دجلة يا بغداد روّني
من قصيدة لها ألّفتها في مهرجان المربد الثاني في بغداد.. وقال مصطفى جمال الدين:
بغداد ما اشتبكت عليك الأعصر
إلا ذوت ووريق عمرك أخضر
لكن بغداد لن تنسى لياليها الحالمات وحاناتها الساهرات، وألق ما تكنّه من الحب لكل المدن العربية، وإلى جانب ذلك كانت بغداد عصية على الذين هاجموها واحتلوها وأحرقوا كتبها في نهر دجلة، فهي تنهض من كبوتها وتلاحق عدوّها الأبدي بكل شجاعة المتحدي لأعداء الحياة.
هذه هي بغداد والنخيل حولها يحكي قصة وطن هو العراق الذي كان منبت الفكر العربي، ولنا أجمل القول في قصيدة الشاعر محمد مهدي الجواهري عن العراق وأهله:
سألتني عن العراق وقالت:
قد سمعت أن العراق جميل
قلت يا ليندا لا تثيري شجوني
فحديثي عن العراق طويل
تلك أرض سماؤها مثل عينيك صفاء
وماؤها سلسبيل
الجنان المعلّقات وعدن في رباها
وفي رباها النخيل
فاعذريني إن لم ترق لي أرض
بعد أرضي.. أو عزّ عندي البديل

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
اقتراح تعديلات على قانون التجارة خلال ثالث حوارات قطاع الأعمال بحمص ركزوا على استبدال عقوبة الحبس.. تجار دمشق وريفها يقدمون مقترحاتهم لتغيير قانون حماية المستهلك "صفحات منسية من تاريخ المسرح السوري".. محاضرة للناقد والكاتب المسرحي جوان جان خان الكتان الأثري يحتضن مهرجان "ليلك" ليضيء على إبداعات المرأة الحلبية وقدرتها على التغيير مهرجان حلب المسرحي يدشن  انطلاقته بعمل "عويل الزمن المهزوم" على خشبة مسرح دار الكتب الوطنية عدوان إسرائيلي يستهدف موقعين بريف حمص الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث صندوق مشترك للقضاة.. وقانوناً بصندوق مشترك وبدل مرافعات لمحاميّ الدولة وزير الأشغال العامة والإسكان: نسعى نحو تلبية التطلعات المجتمعية العمرانية وزير التربية: القانون رقم 31 جاء ليواكب التطورات والتغيرات في المجال ‏التربوي والتعليمي ‏ إصدار قانون الضريبة الموحد وتنظيم جباية الضرائب واعتماد الأتمتة مقترحات جلسة الحوار التمويني بدرعا