متلازمة الهرس والسحق بسبب الزلزال.. طبيب عظام: البتر ليس الحل الوحيد.. وأدعو الأطباء إلى التريث
تشرين- بشرى سمير:
منذ وقوع الزلزال في الشهر الماضي بتنا نسمع مصطلحاً جديداً عن حالات الإصابة الشديدة للناجين، أطلق عليه متلازمة الهرس أو السحق، والكثير شاهد عبر مواقع التواصل الاجتماعي معاناة عدد من الناجين، من متلازمة الهرس ولعلّ أبرزهم الطفلة شام التي لفتت الأنظار لخطورة وضعها.
ترى ما هي متلازمة الهرس أو السحق، وهل ثمة علاج لها؟
الدكتور عماد الجاسم الاختصاصي بأمراض العظام وجراحتها يجيب عن هذا السؤال مبيناً أن الإصابة بمتلازمة الهرس لا تتعلق فقط بالزلزال، وقد يصاب بها شخص نتيجة حادث سير إثر تعرضه لضغط قوي على أطرافه، أو أعضاء من جسمه لدقائق معدودة، وأن هذه المتلازمة تنتج عن “تعرض العضل إلى صدمة قوية، كسقوط كتلة عليه أو إصابته بضربة قوية، أو تأثره نتيجة سير الشخص أو ركضه لمسافة طويلة تفوق قدرته، إذ حينها يتلف العضل ويتحول بروتين الميوغلوبين داخله إلى مواد سامة، تنتقل خلال الدورة الدموية إلى الكلى فيغلق مجراها”. مشيراً إلى أن هناك عدداً كبيراً من ضحايا الزلزال الذي ضرب شمال غرب سورية أصيبوا بهذه المتلازمة، لا توجد إحصاءات دقيقة، لكن أغلب المرضى الذين لم يتوفوا تحت الأنقاض دخلوا في هذه المتلازمة.
أسباب متلازمة الهرس
موضحاً أن متلازمة الهرس تنتج عن انقطاع التروية الدموية عن طرف أو عضو ما، ما يؤدي إلى تموته ودخوله في سلسلة من سلاسل الغنغرينا، وهي الغنغرينا الغازية التي تستهدف الأنسجة العضلية العميقة، وتتسبب بإفراز الجراثيم السامة وإطلاق الغازات، وعند عودة التروية الدموية إلى الطرف المصاب، تنتقل مادة الحطام العضلي “الميوغلوبين” إلى الكلية فتعطل عملها ما يصيب المريض بقصور كلوي”، ونتيجة القصور الكلوي “ترتفع نسبة الكرياتينين وهي مادة سامة في الدم، وتضطرب شوارد الجسم وأهمها البوتاسيوم، وإذا لم يتم إخضاع المريض لغسيل كلى إسعافي لضبط هذه المادة القاتلة قد يتوقف قلبه عن النبض ويفارق الحياة”.
مكمن الخطورة
وعن خطورة المتلازمة يوضح الجاسم أنها تكمن في تسببها بإصابة المريض بالفشل الكلوي الحاد، أي عجز كليتيه عن تنقية الفضلات من الدم، وتالياً تتزايد مستويات الفضلات الخطرة التي يسببها الطرف المصاب بأذية، ما يحدث خللاً بالتركيب الكيميائي للدم”، ومن أعراض مرض الكلى “التعب الشديد، الغثيان، التقيؤ، التشجنات العضلية، صعوبة التركيز، تورم حول اليدين أو الكاحلين والوجه، كثرة التبول، جفاف الجلد”.
ويشير الجاسم إلى أن الأعراض قد لا تظهر على المصاب لتشير إلى إصابته بمتلازمة الهرس، لكن بعد مراقبته وإجراء الفحوص يمكن اكتشاف الأمر” أي شخص يتعرض لكتلة ضاغطة على أطرافه يجب أن يخضع لمراقبة لا تقل مدتها عن 12 ساعة إذا كان سليماً نظرياً، وفي حال وجود كدمات على جسده يجب إخضاعه لإجراءات محددة، إن كان على مستوى أشعة الصدر والبطن، أو الطبقي المحوري للصدر والرأس، أو الطبقي المحوري الماسح، لتقييم الأطراف, كما يجب إجراء تحاليل للكلى، ومراقبة الصادر البولي الذي يعدّ أحد أهم المؤشرات، فلون البول الداكن المائل إلى الأسود يشير إلى أن المريض يعاني من هذه المتلازمة”.
ما أعراض الهرس
“تظهر أعراض متلازمة الهرس على الطرف الذي تعرض للضغط من خلال شعور المريض بالتخدر، ليبدأ بعدها الطرف بالتورم وتغيير لونه. ولكشف الإصابة بهذه المتلازمة نلجأ إلى فحوص الدم، لمعرفة مستويات البوتاسيوم والكرياتينين وحمض اليوريك والكالسيوم والغازات وأنزيمات الكبد، كذلك معرفة مدى تخثر الدم، كما لا بدّ من إجراء تخطيط للقلب، وفحص بول لمعرفة مستوى الميوغلوبين، إضافة إلى إخضاع طرف المريض لصورة أشعة سينية”.
فشل كلوي
ويضيف الجاسم إن أغلب المرضى الذين يصابون بفشل كلوي نتيجة متلازمة الهرس يتماثلون “للشفاء، حيث تعود الكلى إلى الوضع الذي كانت عليه قبل الإصابة بالمتلازمة، أما الذين يصابون بفشل كلوي حاد ولم يتلقوا العلاج بالسرعة المطلوبة فمن الممكن أن تتعرض الكلى لديهم للضرر”، مشدداً: ” كلما تلقى المصاب بهذه المتلازمة العلاج سريعاً ارتفع منسوب شفاء كليتيه، لكن لا بدّ أولاً من معالجة السبب الرئيس الذي أدى إلى تضررهما، مع ضرورة إعطاء المريض السوائل اللازمة ومراقبة كمية البول لدى المريض”، إضافة إلى أن نسبة الشفاء من هذه المتلازمة تتوقف على الأذيات المرافقة للطرف أو العضو المصاب، “كنزف هضمي أو أذية على مستوى الجهاز العصبي المركزي، كما تعتمد على مدى توافر جلسات غسل الكلى، وما حصل في الأيام الأولى من الزلزال، حيث فارق عدد كبير من الناجين من تحت الأنقاض الحياة، لكون الأذيات المرافقة لمتلازمة الهرس كانت عنيفة، ومن الضروري في حالات الكوارث توافر عدد كاف من أجهزة غسل الكلى.
علاج الهرس
وعن علاج الهرس يقول الجاسم إنّ هناك عدة أنواع للعلاج منها بتر الطرف أو العضو المصاب الذي يفرز السموم، ويشدد “إن كان وضع المريض سيئاً والسموم تنتشر في جسده فلا خيار حينها أمام الطبيب سوى البتر، رغم صعوبة الأمر، لكونه يعني إكمال المريض بقية عمر معوّقاً مضيفاً ” بعد مرور نحو أسبوعين على الزلزال المدمر أصبحت فرص بقاء المرضى على قيد الحياة أكبر، من هنا يفضل على الأطباء الصبر والتريث واللجوء إلى المضادات الحيوية والعلاج بالأوكسجين والجراحة لاستعادة تدفق الدم وإزالة الأنسجة الميتة بدلاً من البتر”.