الوصايا
فيما يُشبه «الوصايا العشر» أو يُحاكيها، يوصي الأديب الأمريكي ريتشارد فورد (1944) بعشر نصائح لأجل كتابةٍ جيدة، واللافت في أمر هذه النصائح – الوصايا؛ أنها تؤكد في أغلبها على قدرة الكاتب على الحب، في مستوياته كلها، ولاسيما الإخلاص الكامل للكتابة، والنظر لنجاح الآخرين كمُحفّز على الإلهام والإبداع، والعمل لعدم أذية أحد بل حتى إمكانية الدفاع عنه.
من هنا يصر فورد على أهميّة أن يتزوج الكاتب/الكاتبة من شريك يعتقد أنه يُحب الكتابة، ويُفضل، بل يجب ألا يكون لديه/ لديها أولاد، وعدم الاكتراث بقراءة المقالات أو كتابتها لأنها على الأغلب ملوثة بأفكار الكاتب نفسه. الكتابة لا تحتمل حتى الجدال أو الشجار مع الزوجة/ الزوج، ولا حتى المشاركة بالشراب خلال ممارستها، وأما أهم تلك الوصايا، فكانت الوصايا الثلاث الأخيرة وهي: «لا تضمر الشر لزملائك، وحاول أن تفكر في نجاح الآخرين على أنه حافزً لك، ولا تبدأ بأي بذاءة إذا كان يمكنك ذلك.»
وإذا ما أردنا أن نُسقط هذه الوصايا أو النصائح على المشهد الإبداعي المحلي بمختلف مجالاته الفنية والأدبية؛ فالأمر يدعو للخواء والحزن، وقد تحولت الساحة الثقافية لما يُشبه ساحة وغى، تنوعت بين التخوين والعمالة، وحتى تمني الموت لروائي مبدع بدل أن نفتخر به وبإنجازاته، وتصيّد هفوات الناجحين وتكريس الفاشلين في مفاصل الثقافة، حتى لا تقوم لجسد الثقافة قائمة، وإطلاقهم لشن حملات «الشيطنة» والإساءة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وهم لديهم الكثير من هذا العواء لتحقيق ذلك في وجه قافلة المُبدعين، ذلك ما دفع بروائي لأن يصف معشر المثقفين بالقتلة الصغار والطغاة الأقزام، ويحمد الله أنهم لا يستخدمون سكاكين في شغلهم، لأنهم حينها لن يتوانوا عن استخدامها.
هل لأجل ذلك، أي لانتفاء الحب والنظر لنجاح الآخرين على أنه هزيمة للذات؛ لم ننجح في مجالٍ إبداعي واحد؟! وهو ما يدعو للحيرة والتساؤل: ما الذي ينقصنا لتكون لدينا رواية في العالم العربي تُضاهي رواية أمريكا اللاتينية، أو سينما وأفلام مُعادلة للسينما الإيرانية، وحتى كرة قدم كالأرجنتينية والبرازيلية رغم ظروف العيش التي تكاد تتطابق في المجالات كلها؟!
إنه افتقاد الحب إذاً وراء كل هذا الخراب واليباس وكل هذا القحط.!
هامش:
لا تزالُ
على عاداتها
من الثمر؛
تحكي للغيمِ
أسرارَنا،
فتُمطرُ السماءُ
على الناسِ الكرز..