إبداع معجزة العيش!!

‏قرأت أن بعض الأبحاث العلمية توصلت مؤخراً إلى أن هناك نوعاً من الثدييات تجمد (توقف تطور) البيضة الملقحة إذا كانت الظروف المحيطة غير مؤاتية للحياة والعيش بشكل طبيعي. ووجد العلماء أن خلايا هذه الكائنات لديها القدرة على فحص الظروف المحيطة من حيث توفر الغذاء اللازم وظروف البيئة و مولدات الطاقة، وعندما تصبح مستويات هذه الظروف المعيشية غير مناسبة لتوفير حياة جيدة، تقوم هذه الكائنات بتجميد البيضة الملقاة الملقحة، وتوقف تطورها إلى أجنة ومن ثم إلى كائنات وليدة، وهذا منتهى العبقرية في التكييف مع الطبيعة، ومع ظروف وإمكانات العيش… سبحان الخلاق العظيم!!!

‏يتم تجميد البيوض الملقحة بأن تمتنع الخلايا عن إفراز البروتين الذي يلصق البيضة في المشيمة لتتغذى عليها وتكمل نضوجها إلى جنين. والمعجزة ليست في الامتناع عن إفراز هذا البروتين الرابط للبيضة في المشيمة، بل المعجزة أيضاً بالإبقاء على البيضة الملقحة في حالة مجمدة (متوقفة عن التطور) حتى تعود الظروف الملائمة للحياة الطبيعية، فتعود الخلايا إلى إفراز البروتين الذي يلصق البيضاء في المشيمة وتكتمل عملية التوالد، وهذا ما يمكن أن يرى فيه علم الاجتماع الأحيائي- إن جازت التسمية- معالجة ذاتية لمواجهة الظروف غير المؤاتية للحياة وهي شكل من الحماية الذاتية للحياة عبر التكيف مع الأحوال المعيشية المحيطة والمفروضة..

‏رغم أن العلماء يرون في هذه الاكتشافات ما يمكن أن يؤدي إلى إنتاج سبل فعالة لمعالجة السرطانات وأمراض أخرى، عبر التعلم من الطبيعة، إلّا أنني وجدت أننا كسوريين محاصرين في العقوبات الاقتصادية- بعد حرب إرهابية دمرت مرافق الإنتاج وسرقت مكامن الثروات- ومبتلين بأنواع من الفساد الأسود والأبيض الملون، وجدتُ أننا كسوريين نقوم بالمعجزة نفسها في التكييف مع الأسعار الذباحة، وتكاليف المعيشة الخانقة، وفقدان القدرة على التدفئة أو التداوي .. .. إلخ. تصوروا أن الإنسان السوري، وهو من الثدييات طبعاً يتقاضى راتباً متوسطه 100,000 ليرة، ويحتاج إلى تكاليف عيش متواضع تربو على المليون ونصف المليون ليرة شهرياً، ورغم هذه الاستحالة تستمر الحياة ويستمر العيش، لأن السوريين يجمدون الكثير من حاجاتهم، ويوقفون العديد العديد من متطلباتهم و يحرمون أنفسهم من ضرورات عديدة، ويواجهون الظروف المؤاتية، ويتكيفون مع عوامل حصار وعقوبات خانقة وتكاليف معيشة حارقة..

‏إنّ معجزة الثدييات في التكيف مع ظروف الحياة تشبه كثيراً معجزة استمرار العيش السوري وسط ظروف العقوبات والضيق والأسعار والتضخم والفساد، فهل تعلمت الثدييات وأخذت معجزتها منّا، أم إننا وجدنا الحل في العودة إلى معجزة الثدييات؟؟؟ وهذا التكيف السوري مع ضيق العيش، هو سرّ بقاء سورية أقدم وطن مأهول بالحياة و القوة و الصبر والحضارة والإبداع..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية الرئيس الأسد يصدر قانوناً يشدد الغرامات والعقوبات على كل أفعال التخريب أو سوء استخدام شبكة الاتصالات وبنيتها