سياسات مكررة

مع اقتراب موسم حصاد محصول القمح بقيت آليات العمل المتبعة في تأمين احتياجات هذا المحصول الاستراتيجي على حالها تقريبا مقارنة بما جرب الموسم الماضي وأدى إلى النتائج غير المرضية بكمية إنتاج تقارب النصف مليون طن.

فحتى الآن يشتكي الفلاحون من عدم كفاية المحروقات المقدمة لخدمة المحصول في مرحلة ما بعد الزراعة ولا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة هذه الأيام والحاجة إلى ري المحصول علما أن وزارة الزراعة أعلنت عن زراعة مليون وربع مليون هكتار قمح لهذا الموسم أكثر من نصفها في المناطق الآمنة (٥٤٧ الف هكتار)، هذا إضافة إلى عدم تأمين كامل الاحتياجات من الأسمدة ما اضطر الفلاحين للاتجاه نحو السوق لترميم احتياجاتهم.

وهنا أيضا تظهر مطالبات مزارعي القمح برفع سعر استلام القمح لأن التكاليف تضاعفت مقارنة بالعام الماضي، ناهيك عن ارتفاع تكاليف المعيشة من دون أي تعليق حاليا من الجهات المعنية حول قيامها بدراسة تكاليف الموسم وتعويض المزارعين بالسعر المعقول.

ولا يقتصر هذا الأمر على القمح بل أيضاً الشوندر السكري الذي شاب عملية توزيع بذاره المستوردة الكثير من المشكلات وعدم دعم مستلزمات إنتاجه الأخرى وبقاء سعر استلام الكيلو غرام ٤٠٠ ليرة؟!

لا ندري لماذا لا توجد في وزارة الزراعة والجهات الأخرى المشرفة على هذا القطاع المهم لجنة دائمة تتابع تطورات تكاليف الإنتاج للمحاصيل وتقدم تقارير دورية حول تغير عناصر التكلفة بما يعطي مؤشرات للمزارع بأنه لن يحتاج أن يطلب تعويضه أو أن يخاف من عدم عدالة الأسعار عند تسليم المحصول، فمثل هذا الأمر سيدفعه إلى الاهتمام بأرضه ومحصوله لأنه يعلم أن تعبه لن يضيع عند تسليمه الموسم.

إذا نظرنا عالميا نجد أن حرباً شعواء تخوضها الدول أعضاء منظمة التجارة العالمية بسبب توجه الولايات المتحدة الأمريكية إلى دعم منتجيها في سياسة حمائية تخالف قوانين المنظمة، وهذا ما ستقوم به الدول الأخرى وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي الذي وجد أن الابتعاد عن قوانين التجارة الحرة سيضر بمنتجيه،  وتالياً فإن سلاسل الإمداد العالمية ستتقطع من جديد وستلفت كل دولة إلى سوقها وعناصر إنتاجها الداخلية حماية لأمنها الاقتصادي والغذائي بعد الحرب الروسية الأوكرانية ، في حين ستعاني الدول التي لا تعتمد على استراتيجيات حمائية من نقص في كل شيء من مواد زراعية وصناعية..

لهذا فالمطلوب في هذه التغيرات الاستراتيجية الدولية اقتصاديا وسياسيا العودة إلى سياسات دعم الأمن الغذائي وفي مقدمتها تشجيع الفلاح على زراعة كل شبر من أرضه بغض النظر عن التكاليف التي ستكون أقل بكثير من أي نقص في المواد الغذائية والاعتماد على استيرادها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار