منهج عمل

منذ الساعات الأولى لوقوع الزلزال المشؤوم وجه السيد الرئيس بشار الأسد الجهات الحكومية بوضع خطة استجابة شاملة لتداعيات الكارثة تبدأ بأعمال البحث عن الناجين وإنقاذ الأرواح العالقة في الأبنية السكنية التي تداعت بسبب شدة الهزة الأرضية في السادس من شباط الماضي.. وعلى التوازي مع عمليات الإنقاذ شدد على ضرورة البدء بعملية إغاثة وإيواء للمنكوبين، ليقوم بعدها بجولة على المواقع المتضررة في محافظتي حلب واللاذقية ليطلع على عمليات الإنقاذ ويشرف على خطط الإغاثة.
وفي الوقت نفسه بدأت الاتصالات مع الدول والمنظمات الدولية لتوضيح الاحتياجات الكبيرة للمنكوبين والشعب السوري ولا سيما أنه يعاني من حصار أحادي الجانب تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، اعترفت أغلب المنظمات والوكالات الدولية بأنه خارج على القانون الدولي ومناف لحقوق الإنسان والأخلاق، وذلك بعد الهبة الشعبية المعهودة في خصال الشعب السوري والقائمة على التلاحم والتكاتف وإغاثة الملهوف، وهذا ما بدأ به السيد الرئيس خطابه مساء أمس مبيناً أن “المشهد الوطني والإنساني ليس غريباً عن أي منا وقد لمسناه بمفاصل متعددة خلال الحرب على سورية، لكنه كان أكثرَ شمولاً ووضوحاً..”.
والآن وبعد انتهاء عمليات انتشال الضحايا وتأمين المواد الإغاثية ومراكز إقامة مؤقتة لمن تضررت بيوتهم ومن ثم العمل على إيجاد سكن دائم، وضع السيد الرئيس أمس خطة ومنهحاً للعمل موصفاً الوضع بأن “للزلازل تداعياتٍ عاجلةً وآجلة.. وما سنواجهه على مدى أشهر وسنوات من تحديات لا يقل أهمية عما واجهناه خلال الأيام الأولى”.
السيد الرئيس كان واثقاً في خطابه الواقعي أمس بقدرة الشعب السوري على تجاوز تداعيات هذه الكارثة مستنداً إلى الاستجابة الكبيرة من قبل الشعب نفسه بمؤسساته الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد.. متطوعين بأعمال الإنقاذ، أو متبرعين بمساعدات عينية أو مالية، مقيمين أو مغتربين، حاولوا بكل الطرق كسر الحصار لإيصال أي مقدار ممكن لمساعدة إخوتهم المنكوبين، بالإضافة إلى المساعدات العاجلة التي وصلت من الدول الشقيقة والصديقة، والتي شكلت دعماً مهماً للجهود الوطنية في تخفيف آثار الزلزال وإنقاذِ الكثيرِ من المصابين.
وهنا وضع السيد الرئيس منهجاً شاملاً للعمل قائماً على البيانات التي جمعتها الجهات الرسمية والمنظمات الأهلية عن حجم الأضرار في المناطق السكنية والبنى التحتية، لتبدأ بالخطوات الإسعافية من خلال دراسة تأسيس صندوق لدعم المتضررين بهدف مساندتهم ريثما يتمكنوا من استعادة قدراتهم الحياتية بجوانبها المختلفة، وذلك بعد الانتهاء من إحصاء الأضرار، ووضعِ المعايير لتحديد المشمولين وأسس الدعم.. كل ذلك بالتوازي مع العمل السريع للجم التراجع الاقتصادي الذي يصيب عادة المناطق المنكوبة ويؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل عام، عبر إصدار التشريعات واتخاذ الإجراءات التي تخفف الأعباءَ الاقتصاديةَ عن أهلها وتسرع دورة الاقتصاد فيها، والتي تم البدء بدراستها قبل عرضها من أجل النقاش واتخاذ القرارات المناسبة خلال الأيام القليلة القادمة، بالإضافة لعدد من الأفكار الأخرى المطروحة مؤخراً، والتي سيعلن عنها من قبل المؤسسات المعنية بعد أن تستوفي حقها من الدراسة والنقاش، وتثبتَ جدواها.

ولم يتوانَ السيد الرئيس عن بث روح الأمل داعياً الجميع إلى التعاون كل حسب قدراته وإمكاناته مبيناً الصعوبات الموجودة في الطريق وداعياً إلى تحويلها إلى فرص ليس فقط في مواجهة تداعيات الزلزال، وإنما حل المشكلات المتراكمة بعد أكثر من عقد من الحرب والإرهاب والحصار، وهذا واضح في قوله:  “قد يبدو المشهد معقداً، وقد يكون من الصعب الفرز بين الأسباب المؤدية لكل مشكلة من المشكلات على حدة.. لكنه يعطينا بالمقابل فرصةً لحل تلك المشكلات المتراكمة بشكل مترابط.. وهذا يعني أن ننتقل من معالجة سلبيات الظروف الطارئة، إلى إضافة إيجابيات المعالجة الشاملة، وما يعنيه ذلك من تطوير وتقدم إلى الأمام، بدل الاكتفاء بالوقوف في المكان في مواجهة الأزمات…. وهذا لا يمكنُ أن يحصلَ دفعة واحدة، بل كأولوياتٍ بحسب توفر الإمكانيات وعلى مراحلَ زمنية.. لكن المهمَ هو امتلاكُ الرؤية، المبنية على توافق وطني، منطلق من حوار واسع”.

بدءاً من هذا المنهج علينا العمل لمصلحة وطننا الذي يعاني من جراح غائرة بعدما تكالبت عليه وحوش الغرب وأدواته الرخيصة ليضاف إليها غضب الطبيعة، وأن يبدأ كل بنفسه سائلا نفسه كيف أخدم وطني وإخوتي، ولنبتعد عن التذمر والإصغاء لتلك السموم المدسوسة في عسل وسائط التواصل الاجتماعي.
أما على مستوى المؤسسات فيجب أن تحدد الأولويات الطارئ منها والاستراتيجي حسب المتاح ووضع الخطط القائمة على الأرقام والابتعاد عن عشوائية العمل ومحاسبة المقصرين والمفسدين بأشد العقوبات والتنسيق والتكامل فيما بينها لتحقيق هدف واحد هو النهوض من جديد وتلافي المشكلات الاجتماعية والاقتصادية  والمعيشية التي خلفتها سنون الحرب والزلزال.
كما يجب أن يكون القطاع الخاص المبادر في تقديم كل ما يلزم بعد سنوات طويلة من أنانية معظمه في البحث عن الربح فقط متناسياً دوره الاجتماعي والتنموي، فهذا القطاع يمتلك المرونة في كثير من المواضع التي تجعله قادراً على سد الفراغات التي لا تستطيع المؤسسات الحكومية تغطيتها بسبب ضعف الإمكانات والروتين..
هذا كله يجب أن يتبلور في مؤسسة جامعة قادرة على الإحاطة بكل البيانات وتحديد الأولويات ومن ثم توزيع المهام على الجميع أفراداً وجهات عامة وقطاعاً خاصاً.
هذا كله يجب أن يتم بالتوازي مع قيام قادة الرأي من إعلاميين وناشطين في منصات التواصل ومثقفين ومفكرين وسياسيين واقتصاديين وفنانين وأدباء ورجال دين ووجهاء، بكل ما يلزم لإيقاظ الضمير العالمي والدعوة لفك الحصار على المستوى الخارجي، والتوجيه نحو السلوكيات البناءة في الحياة اليومية لنا جميعاً، على الصعيد الداخلي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل