هل أصبح الظهور الإعلامي لبعض المسؤولين الحكوميين غير موفقٍ و«لا يرضي» المواطن.. أم إن إعلاميين مهرة أجادوا التصيّد ؟

تشرين – منال صافي:
في كل مرة يخرج فيها بعض المسؤولين الحكوميين على وسيلة إعلامية للحديث أو لتوضيح قضية ما تشغل الرأي العام وخاصة المتعلقة بالحياة المعيشية والخدمية، نجد سيلاً من الردود غير الإيجابية على حديثهم، من خلال النقاشات ووجهات النظر التي تطرح في منصات التواصل الاجتماعي، ما يعكس فجوة التباعد بين المواطن وبعض المسؤولين التنفيذيين، لدرجة أن البعض أصبح يراها استفزازية لعقل المواطن .
أدبيات للظهور الإعلامي
يرى الدكتور مازن سليم خضور المختص بعلم الاجتماع الإعلامي أن على المسؤول التركيز على اللغة والحجة والأهم طريقة طرح الأفكار والمعلومات لتصل للملتقي من دون أن تشكل صدمة أو ردّات فعل سلبية، ولاسيما مع ظهور ثقافة “التريند” عند بعض الإعلاميين الذين يرغبون بتحقيق الشهرة على حساب المسؤول الذي لا يملك ثقافة الحضور، وبالتالي تكون الوسيلة الإعلامية نجحت في تحقيق نسبة مشاهدات وتفاعل جماهيري على حساب المسؤول الذي أحدث ردة فعل سلبية وكوّن رأياً عاماً سلبياً حول الموضوع الذي طرح و لم يستغل ظهوره في تقديم ما يحتاجه الجمهور بشكل متوازن ولغة رصينة وحقائق مناسبة ولم ينتقِ التفاصيل التي تساعد على تحسين العلاقة مع الجمهور واكتساب ثقته.

خبير إعلامي: على المسؤول امتلاك أدبيات الظهور الناجح لأن تصريحه سيكون له تأثيٌر كبيٌر على الجمهور

وأكد أن الظهور الإعلامي خلال الأزمات يعدّ أمرّاً ضرورياً، لذلك فإن التدريب الإعلامي لظهور المسؤول هو حاجة ملحة بغياب “كاريزما” الحضور عند البعض، لأن المسؤول عند ظهوره يمثل منصبه وليس شخصه، لذا عليه امتلاك أدبيات الظهور الناجح، لأن تصريحه سيكون له تأثير كبير على الجمهور المتلقي .
ولفت الدكتور خضور إلى أن الظهور الناجح يتطلب الإعداد الجيد و جمع المعطيات والمعلومات الدقيقة، إضافة إلى الطرح الواقعي، وهنا يجب التركيز على دور العلاقات العامة والمكتب الإعلامي في الإعداد لأي ظهور.
وأشار إلى أن نجاح اللقاء الإعلامي مرتبط بعوامل، أهمها الاعتدال في الظهور واختيار التوقيت المناسب والابتعاد عن الظهور المتكرر من دون فائدة وتجنّب (هوس الظهور الإعلامي)، إضافة لاستخدام اللغة التي تناسب الجمهور وطرح المعلومات المطمئنة والواقعية من دون الدخول في التفاصيل الدقيقة والأرقام التي لا تفيد المواطن والتي قد تؤدي إلى حالة من التشاؤم، و بالتالي ستضر بالمصلحة العامة والبعد عن المصطلحات الاختصاصية، مضيفاً: إن المسؤول بحاجة لامتلاك سرعة البديهة من خلال المعلومات التي يقدمها، والثقة بالنفس النابعة من الإنجازات الحقيقية،

“التنمية الإدارية” تقيم برامج تدريبية متخصصة بأساسيات الظهور الإعلامي للقيادات الإدارية

والأهم ضبط حركات الجسد التي تعكس الحالة الانفعالية للتحدث والتي قد تؤثر في شكل المسؤول وتستغل من البعض .
من يؤهل المسؤول؟
مصدر في وزارة التنمية الإدارية أكد لـ«تشرين» أن الوزارة تقيم برامج تدريبية متخصصة بأساسيات الظهور الإعلامي للقيادات الإدارية في مختلف القطاعات الحكومية، وتهدف إلى إكساب وتعزيز المهارات الأساسية للظهور الإعلامي للقائد الإداري بأسلوب علمي وعصري، وتشمل تقنيات الظهور في الاستضافة حول محور معين لدقائق، والمؤتمر الصحفي، والبرنامج الحواري، معتمدة أسلوب التدريب العملي والعصف الذهني، وذلك في إطار تعزيز المهارات الذاتية للقيادات الإدارية في مجال إدارة سمعة المؤسسات العامة، وبناء الصورة الذهنية المثلى عنها كفاعل في بناء الاقتصاد الوطني، لكون القيادات الإدارية قوة مؤثرة في عمليات التغيير التنظيمي ودعم مسارات التنمية والإصلاح الإداري.

خبير إداري: يجب أن يكون هناك تحليل وقياس لردود الفعل المتوقعة على التصريح أو القرار

في المقابل يقول الخبير الإداري عبد الرحمن تيشوري : إن أغلب المسؤولين غير مدربين على مهارات الظهور الإعلامي في وقت يوجد فيه خريجو برامج جدارة قيادية تدربوا على الظهور الإعلامي، لكنهم ليسوا صناع قرار، مشدداً أنه على المسؤول ضرورة التحدث بالحقائق وبكل شفافية، وعدم تقديم وعود غير قابلة للتحقق تؤدي في نهاية المطاف إلى قناعات سلبية يرسخها المواطن تجاه حكومته، وأن يكون هناك تحليل وقياس لردود الفعل المتوقعة على التصريح أو القرار الحكومي .

المطلوب:
«الطلة الإعلامية” للمسؤول الحكومي يجب أن تكون مدروسة، لأن سرد بعض الكلمات من دون استدراك عواقبها يؤدي إلى ترسيخ قناعات سلبية للمواطن تجاه مؤسساته الحكومية، فهو اليوم يريد الاستماع إلى مسؤول قادر على إنتاج الحلول وتوليد البدائل لمشكلاته، ولا يحتاج إلى سماع التبريرات وشرح الواقع الذي نعرفه جميعاً في ظل التحديات الاقتصادية التي فرضها الحصار الجائر على بلدنا .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار