هنا الأشياءُ رمل!!

منذ أزمنةٍ بعيدة؛ عرفت سورية المسرح، ولا تزال آثار المسارح القديمة التي تعود للآلاف من السنين قبل الميلاد تشهد حركة مسرحية تُباهي بها الأمم، وما مسارح تدمر وبصرى وعمريت وجبلة، وغيرها مما اندثر إلا شواهد على حركة مسرحية بازخة شهدتها سوريّة العتيقة، ولاسيما في عصورها الهلنستية…

وفي الزمن المُعاصر؛ كان لسورية أيضاً قصبُ السبق بين الدول العربية في إشغال خشبة المسرح باكراً، غير أنه وفي الزمن المعاصر أيضاً، فقد بدأت الحركة المسرحية السورية مُرتبكة منذ بدايات القرن العشرين، حين بدأت بمحنة لا تزال ذيولها تجرُّ كلَّ الفساتين التي ألبست للحركة المسرحية إلى اليوم…

ولا أقصد بالمحنة هنا -على هولها- تلك التي أقدم عليها الظلاميون خلال الاحتلال العثماني على سورية من إحراق مسرح أبو خليل القباني وتطفيش الرجل بمسرحه إلى مصر؛ بل بتلك الإشكالية التي لا تزال مستمرة؛ في عدم توافر النص المسرحي المحلي، واليوم لو عددنا من يكتبون للمسرح في سورية، فربما لا نتذكر أكثر من عدد أصابع اليدين، بمعنى منذ البداية؛ ولد المسرح السوري مأزوماً سواء لجهة عدم توافر النص المحلي، أم لجهة عدم توافر منابر العرض، ومنذ تلك التجربة البعيدة لا تزال أسئلة المسرح حارة وطازجة رغم قلة التعديل فيها، بل تبدو هي نفسها تتكرر وتتردد عبر تتالي العقود: هل تضيق مساحة المسرح في سورية؟ هل المسرح في سورية يبدو متنوعاً، أم إنه يُقدّم وكأنه من مُحترفٍ واحد؟ أين تكمن محنة المسرح السوري: في ندرة الممثل النجم، أم في عدم توافر النص المسرحي المحلي، أم في الإخراج المُتمكن، أم في منبر العرض المسرحي؟

وهنا نُشير إلى أنّ الكثير من هذه الأسئلة، كانت طُرحت منذ بداية حركة المسرح في سورية، وهي لا تزال حارة في انتظار وصولها إلى مرافئ الإجابة…

المسرح السوري الذي شهد تنوعاً سواء على صعيد النوع، أو المحتوى، وحتى على صعيد صُنّاعه؛ يبدو اليوم وكأنه اختزل، أو اختصر بالمسرح القومي وعروضه… إلى أي مدى تبدو دقة هذا التوصيف، وكيف حصل ذلك؟! الإجابة ستبقى قصيّة بقدر حداثة السؤال وحرارته!!

 

هامش:

تعالي

أقصُّ عليكِ ناري،.

تعالي

لأسرد لك سراً جميلاً:

هنا الأشياءُ رملٌ،

وأنا لك ماء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار