ما مسوّغاتُ إعادة الترجمة رغم انتشار النسخ الإلكترونية؟

تشرين-نضال بشارة:
ثمة من يرى أن ثمة خطأً أو مغالطة في ترجمة كتاب ما شهير ترجمة ثانية من قبل مترجم آخر، رغم أنها قد تصدر في بلد غير الذي صدرت فيه الترجمة الأولى، ومسوغهم أن النسخ الإلكترونية متوافرة فلماذا نترجم ما هو منجز مهما علا شأن الكتاب، حتى وإن كانت الترجمة الثانية عن اللغة الأصل وقد تكون أفضل! فما رأيكم سواء كنتم قد ترجمتم كتاباً سبق أن تُرجم أم لا؟ توجهت «تشرين» بهذا السؤال لأديبين مُتَرْجِمين من مدينة حمص، هما محمد الدنيا و حسين سنبلّي، لاستطلاع رأيهما في هذه المسألة، معاً نقرأ:
ليست الثقافة هدفاً
يجيب الأديب المُتَرْجِم محمد الدنيا الذي صدر له أكثر من خمسة وعشرين كتاباً مترجماً عن اللغة الفرنسية أغلبها في أدب للكبار وللأطفال وأدب الخيال العلمي، عن سؤال «تشرين» بالقول: لا أعتقد أن هنالك مغالطة أو خطأ ما في قيام مترجم بترجمة كتاب أو سوى ذلك مما هو مترجم سابقاً، لكنه في رأيي أمر غير مستحسن، أياً تكن أهمية الكتاب، وأياً يكن البلد الذي صدر فيه، خصوصاً إذا كان العمل موجوداً بنسخته الإلكترونية المترجمة، إلاّ إذا كان المترجم مكلفاً بالترجمة ثانيةً من جهة خاصة أو عامة. لكن في رأيه أن «ترجمة الكتب المترجمة لا مبرر لها عموماً، ولاسيما أنه توجد آلاف مؤلفة من الكتب غير المترجمة المتاحة». وهو لا يفعل ولم يفعل ذلك بالمطلق، ويسعى دوماً لترجمة الحديث والأحدث، ويصرّح بأنه سيترجم أي كتاب مترجم ذي مضمون مناسب، إن كان هناك تكليف بالترجمة. ويتابع مشيراً إلى مسألة مهمة: تزدهر في هذه الأيام، سوق الروايات والقصص والحكايات رائجة نوعاً ما، وأغلبية قرائها عندنا، هي من الأجيال الصاعدة مثلما لاحظت، وهذا ما يشجع دور النشر الخاصة على قبول ترجمات المترجمين المكررة للعمل الواحد، التي ليس بالضرورة أن تكون راقية أو أمينة، فليست الثقافة هي هدف تلك الدور.
رفض الجديد!
واستهل الأديب المترجم حسين سنبلّي، – له أكثر من خمسة وستين كتاباً مترجماً عن اللغة الإنجليزية، تنوعت بين الأدب والعلم والسياسة، وله مؤلفات في المعاجم- إجابته بالقول: إن السؤال يجب أن نتوجه به إلى أصحاب دور النشر، وليس لنا كمترجمين، فأنا أترجم ما يكلفونني به، فلكلِّ صاحب دار نشرٍ وجهته وغايته، لكنني سمعتُ من بعضهم أن الأدب الكلاسيكي الخالد؛ وأقصد به أدب ديستويفسكي، وتشيخوف، وتولستوي، وتشارلز ديكنز، وهيمنغواي وأمثالهم، أدبٌ لا يحده تاريخ، وثبت لهم أنه مربحٌ في أي زمنٍ، حتَّى أنني عرضتُ على بعض أصحاب دور النشر روايات وقصصاً لكتَّاب جدد، فرفضوها، مع أن أصحابها حققوا شهرةً واسعةً في بلادهم، وكانت حجتهم في رفضها أن القارئ يعزف عنها، ويرغب في «الجريمة والعقاب»، و«آنا كارنينا»، و«قصة مدينتين»… الخ؛ فطباعة مثل هذه الأعمال تربحهم.
والأديب «سنبلّي» يكاد يجزم أن الهدف الأساس لمعظم دور النشر هو الربح، ولذلك تُقبل على إعادة ترجمة الأدب العالمي الَّذي تُرجم غير مرةٍ، ولعلَّ سبب ذلك من وجهة نظر أصحاب تلك الدور تقديم ترجماتٍ حديثة على أيدي مترجمين جدد، ليقدموا للقارئ أدباً رفيعاً مما نُسي أو يكاد، وأرى أننا يجب ألا نبقي مثل هذا الأدب حبيس الإنترنت مثلاً، أو تحتكره دار نشرٍ من دون الأخرى. لكن بعض أصحاب دور النشر لا يكلِّف نفسه عناء تكليف مترجم، سيطلب منه أجراً ولا ريب، فيلجأ إلى طباعة العمل الذي سبق أن تُرجِمَ، ونسبه إلى الدار، فيهضم حق المترجم، وحق الدار الناشرة الأولى، ومنهم من يطبع العمل ويذكر اسم المترجم؛ فهذه الأعمال في معظمها متاحة للجميع، ولا حقوق لها، ومنهم وهم الأغلبية يريدون أن يلتصق اسم دارهم بمثل هذه الروائع، ويكون لهم الحق في طباعتها وترجمتها، فيكلفون من يرونه أهلاً، وهذه، مع الأسف، حال معظم دور النشر الَّتي تعاملتُ معها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟ إنجاز طبي مذهل.. عملية زرع رئتين بتقنية الروبوت