بداية أسجل شماتتي بـ(ستيف بانون) للحكم عليه بالسجن أربعة أشهر بجريمة (ازدراء الكونغرس) وعدم الاستجابة لدعوته للمثول أمام لجنة التحقيق في أحداث 6 كانون الثاني، التي تحقق في الهجوم على الكابيتول في واشنطن، لتغيير نتائج الانتخابات التي أسقطت ترامب؛ معلم وسيد ومشغل بانون.
والشماتة به أصلها أنه رجل منفاخ جاهل، اعتمده سمسار عقارات اسمه دونالد ترامب، ليكون البوق الدعائي لحملته الانتخابية، وسماه فيما بعد (كبير مستشاريه الاستراتيجيين)، فما معنى الحكم بالسجن على بانون، وماذا يمثل هذا المنفاخ وشخصه وفذلكته في الزعامة والسياسة وقيادة الشعب الأمريكي؟؟
يمكننا تجاوز كل فذلكة المحللين، والتأكيد على أن (ستيف بانون) بات اليوم صورة من أكثر الصور تمثيلاً، للسياسة الأمريكية وخاصة أنه أحد منظّري الشعبوية السياسية في أمريكا خاصة، والغرب عامة، وهو ما جعل ترامب المروّج الأكبر لهذه الطريقة من الحكم والسياسة، باعتماد المبالغة والكذب والاستعراض والارتجال ومخاطبة المشاعر والعواطف والغرائز الشعبوية، كما انتهى في أسلوبه الشعبوي إلى إثارة الفوضى والعوام والهمج لتخريب الكونغرس، إن لم يقف مع الغوغاء ويقرر ما يريدونه للحكم.
بانون بات صورة من صور الممارسة السياسية الأميركية التي أيدها حوالي 1/2 الأمريكيين حسب نتائج الانتخابات التي أفادت بأن ترامب رغم خسارته الرئاسة إلّا أن هناك ما يقرب من 1\2 الأمريكيين مؤيدين له.
وكما كان ترامب الوجه والصوت الأكثر وقاحة للسياسة الأمريكية. الذي يعلن بوضوح التوجه الأمريكي للسيطرة والهيمنة والنهب لمقدرات العالم، كذلك فإن بانون يعلن بوضوح فلسفته المعتمدة على إدارة الرعاع والمتعصبين والعنصريين في القبض على مقاليد السلطة في الإدارات الأمريكية تجميله ولفه بسيلوفان الديمقراطية وحقوق الإنسان. فضحه ترامب بمطالبته بالنفط العراقي وثروات السعودية وتراث أوروبا، في البيت الأبيض، وتحاول كغنائم مستحقة للقوة الأمريكية، ودائماً استمر بانون في ممارسة دور (الفيلسوف الغبي) أو (المفذلك الأبله) للرئيس الوقح وانكشفت حقائق السياسة الأمريكية لدرجة أن محكمة لم تستطع إلّا أن تجرّم بانون وتحكم عليه بالسجن في محاولة لغسل عار السياسة الأمريكية التي فضحها ترامب وبانون.
ستيف بانون يقول في تسريب صوتي مسرب له أثناء الانتخابات: إن (ترامب سيعلن أنه فاز بالانتخابات حتى قبل ظهور النتائج، وعند صدور النتائج ضده، سيقول إن هناك من سرق منه فوزه وسندعو الشعب لتصحيح الوضع واستعادة الفوز المسروق بالقوة) هذا التسريب دفع لجنة التحقيق في الكونغرس إلى استدعاء بانون للتحقيق معه. لكنه استهتر بالدعوة ورفض تلبيتها فحكم عليه بالسجن، لكنه وقف على باب المحكمة بعد صدور الحكم ليقول: (الشهر القادم سيتغير الكونغرس، وسيعزل القاضي، وسنلغي كل هذه الضوضاء الديمقراطية). وكما هو واضح، حتى بعد الحكم عليه بالسجن، مازال يمارس شعبويته المتعصبة لتستمر فضيحة أمريكا بهذه الشعبوية التي أصبحت روح الديمقراطية الأمريكية.