ليست هي المرة التي نكتب فيها عن الصناعة الوطنية، وهمومها ومشاكلها والحلول الواجب اتخاذها، بل هذا الأمر احتل مساحات واسعة من العمل الإعلامي على اختلافه وتنوعه، وما دعانا اليوم للكتابة عودة شريط ذكريات الماضي لصناعة لم تكن بالمستوى المطلوب لظروف كل مرحلة ، لكنها كانت موجودة وبقوة في ساحة الإنتاج بسلع متنوعة ، وجودة ومواصفات عالمية، والأهم الانتشار الواسع في السوقين المحلية والخارجية ، وهذه مسألة تحسب لصناعتنا والقائمين عليها آنذاك، وحلمنا اليوم أن نشهد عودة القليل من تلك المرحلة، بالآلية والعقلية والسمعة الطيبة نفسها، واعتقد أننا لسنا بعيدين عن هذا الأمر رغم قساوة الظروف الحالية وما تحمل في جعبتها الكثير من ويلات الحرب ، ومشكلات الحصار الاقتصادي الظالم وغيرها من هموم ..!
وهنا لا أريد أن أبخس الجهود التي بذلتها الحكومة مع الجهات المعنية، لردم الفجوة الكبيرة في البنيان الصناعي بين ما هو مطلوب، والإمكانات المتوافرة (مادية وبشرية) لإعادة الألق لصناعتنا بتنوعها وشقيها العام والخاص..
وما أثمر عن هذه الجهود الكثير من الدراسات والرؤى تحمل استراتيجيات عمل لتطوير الصناعة الوطنية , ومحاولات جادة لتطبيق هذه الرؤى وترجمتها على أرض الواقع بصورة تلامس فيها الهموم والمشكلات، والأهم من ذلك توفير الإمكانات المادية والبشرية لتنفيذها،إلّا أنها اصطدمت بواقع أشد مرارة من عدم التنفيذ ألا وهو ضعف الرغبة في التنفيذ , ومحاولات الاختباء وراء القرارات والتعاميم وغيرها من الحجج وما حملته من مبررات ظروف الحرب , وقبل الحرب مبررات تستند إلى ضعف الإمكانات..!
وبالتالي هذه القيادات لو بدأت الترجمة على أرض الواقع بالصورة الصحيحة لكل قطاع لكانت صناعتنا اليوم في حالة جيدة، قادرة على تلبية المطلوب, وتأمين حاجة السوق , واستغنينا عن الكثير من المستوردات..!
وبالتالي كل ذلك وضع صناعتنا بكل مكوناتها على المستويين العام والخاص أمام مفترق طرق يفرض على الجميع صعوبة الاختيار بين ما هو ممكن للتنفيذ، والذي لا يحمّل خزينة الدولة أعباء مالية كبيرة ، نحن في أمس الحاجة لها في مواقع يمكن من خلالها تحسين واقع ما , في ظل ظروف معيشية صعبة, (حبلى من تبعات الحصار الاقتصادي وعقوباته الظالمة) وبين اتخاذ قرار مناسب لإنقاذ ما تبقى من مكوننا الصناعي ومفرداته المادية والبشرية..!
وهنا نسأل: هل يفعلها وزير الصناعة وكوادره في الوزارة والجهات التابعة, وهل يستطيع تجاوز ظروف نسيج صناعي فعلت فيه ظروف الحرب ما فعلته من خراب وتدمير لآلاف المنشىآت الصناعية العامة منها والخاصة..؟
ما نأمله رؤية واضحة وصريحة قابلة للتنفيذ , لا يختبئ فيها الكثير من الإدارات خلف الأصبع, وما تحمله الأخيرة من حجج ومسوغات بعيدة عن منطق العقل والتطبيق رغم وجود البيئة التشريعية وتوافر بعض الإمكانات للبدء بخطوات متتابعة فهل يطول انتظارنا بعودة ماضي صناعتنا إلى واجهة العمل..؟!
Isaa.samy68@gmail.com