المرأة المعنفة في الدراما- هل وجدتْ درب الخلاص؟
حنان علي
“أنتنّ الشاميات أنموذج للمرأة التي يحلم الرجل العربي بالارتباط بها” لعلها عبارة ترنُّ بوقعٍ محببٍ لمسامعنا لولا المقصد الحقيقي منها؛ الذي صورته دراما البيئة الشامية عن المرأة الخاضعة للمجتمع بأعرافه وتقاليده “المدللة” للرجل، السمكة الملونة التي لا تستطيع العيش خارج حوضها المائي المُزيّن.
صحيح أنّ الدراما السورية تبوأت الصدارة في المشهد الدرامي العربي نظراً للموضوعات التي طرقتها، ومن بينها منجزات المرأة الباحثة عن التجدد والاستقلال والحرية وإثبات الذات ودورها الفاعل والمؤثر في الحياة الاجتماعية، لكنها بالوقت ذاته جسدت صور معاناتها بأسلوبٍ كرّس صورة المرأة الضعيفة المعنفة اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، بمواجهةٍ مضنيةٍ مع الرجل والقيود والحواجز التقليدية .
معاناة تنقلت بين العادات والتقاليد البالية والمسؤوليات المضاعفة، للضرب والتهميش والتحرش والدونية والتملك. وصولاً للمرأة المعنفة بقلةِ وعيها ونضوب ثقافتها وحاجتها وتبعيتها ، فأين الدراما من حريتها؟ وهل ساعدتها للعثور على درب خلاصها؟
للاستفاضة بهذا الشأن التقت صحيفة “تشرين” الخبيرة الاجتماعية الدكتورة رشا شعبان أستاذة علم النفس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة دمشق فكان لنا معها الحوار التالي:
* هل تمكنت الدراما من عكس الواقع الحقيقي للمرأة المعنفة في المجتمعات المختلفة؟
لا يمكننا القول إن الدراما عكست واقع المرأة في المجتمع، فالمرأة يمكن لها أن تكون معنّفة ومعنفِة، لكن الوضع المجتمعي الذي يطول المرأة بصفتها الأضعف يعمم أنها تتعرض للتعنيف أكثر من الرجل. لكن وفق رؤيتي أن الرجل يتعرض بدوره لشتى أنواع العنف خارج المنزل ثم يأتي إلى البيت ليعكس هذا التعنيف على المرأة والأطفال. الأمر أساساً يعود للمجتمع ككل، المجتمع المعنِّف. لأنّ العنف الرمزي الذي تتعرض له المرأة عرضته الدراما ولكن بواقع محدد خاصة في البيئة الشامية التي أظهرت نوعاً واحداً من المرأة النمطية التقليدية. حيث يظهر الرجل سيداً لتقوم المرأة بإطاعته والرضوخ له. حتى المرأة صانعة القرار في هذا النوع من الدراما تجسدت قدرتها الخفية غير المباشرة بطرق ملتوية في التعامل مع الرجل عبر استغلال حالة معينة معه. لتمسي المرأة بلا قرار فيما يخص زواجها أو انفصالها أو عملها! وفي أنواع الدراما الأخرى رأينا المرأة صاحبة قرار ولكن في الغالب ما انفك هناك عنفٌ تتعرض له بشكل غير مباشر عبر العمل والتعامل مع رجال ذوي سلطة أو مال يقومون بقمع المرأة أو محاولة السيطرة عليها.
* ماذا عن دور الدراما بالمعالجة الفعلية أو الردع لفكرة أو ممارسة التعنيف من وجهة نظرك؟
لم تُقدم الأعمال الدرامية برأيي معالجة فعالة لوقف التعنيف، ونرى الدراما حتى اليوم قاصرة عن إظهار دور المجتمع الأهلي المحلي من جمعيات ومنظمات الساعية للعلاج أو إيجاد الحلول. أعتقد أنه أمر يعود للتقصير في الحراك الحقيقي طلباً للحل إلا ما رحم ربي. حتى قضايا المرأة المطروحة من هذه الجمعيات في الواقع طُرحت على نحو استعراضي أكثر منها معالجة مؤثرة للنهوض بواقع المرأة أو إيجاد الحلول.
* ما المطلوب من صناع الدراما فيما يخص انتشال المرأة من معاناتها مع التعنيف، وكيف السبيل لدحر قناعتها الذاتية بنظرية التفوق الذكوري؟
لا بد من أن تقوم الدراما بطرح المشكلة وتحليل أسبابها واقتراح الحلول، واضعة بذلك الأسس لمجتمع جديد قائم على علاقة إيجابية حضارية مع المرأة. أحد السبل من وجهة نظري المداومة على طرح نماذج إيجابية لقصص حقيقية عن نساء ناجحات بارزات رائدات قياديات. ونتمنى تقديم أمثلة تاريخية أو معاصرة تكرس المرأة بما تمتلكه من قوة حقيقية وإمكانات وقدرات وخبراتٍ حقيقية.خاصة اليوم مع وجود أمثلة حالية عن حكايات عاشتها أمهات الشهداء وزوجاتهم وبناتهم من صبر ونضال بمواجهة واقعٍ مرير. علينا التنقيب وانتشال الذهب وتلميعه وعرضه بأسلوبٍ مؤثر يليق به.