أقلّها الضِعف
بينما كان النقاش دائراً بين اثنين من باعة الجملة والمفرق للملابس حول بعض البضاعة التي جلبها كل منهما لتسويقها خلال العيد، عرض كل منهما فستان (أطفال) يتشابه تقريباً عند كل منهما، لكن أحدهما أكد أن ما لديه أجود من حيث القماش وأقل من حيث السعر قياساً بالآخر، ونظراً لوجودنا في المكان لم يخبره بالسعر علانية بل استل الفاتورة من جيبه وعرضها بشكل موارب كيلا نراها، لكنه لم يحسن ذلك بالشكل المطلوب ما جعلنا نلمح ما فيها، وهو سعر أقل من المعلن على الفستان المماثل المعروض على الواجهة بحوالي النصف تقريباً.
هذا الموقف يحدث لدى باعة يصنفون على أنهم الأرحم في السوق، لكن القطعة نفسها حسب قول أحد الزبائن عندما هم بشراء واحدة منها لطفلته فإنها تباع في محال ضمن سوق حي آخر بضعف السعر المعلن، وهنا إذا قاطعنا ما ورد من سعر في الفاتورة مع سعر المبيع فإن مؤشر أرباح محال بعض محال الألبسة يتصاعد إلى أكثر من الضعفين.
ما يحدث ينمُّ عن فحش كبير في الأرباح، حيث إن التسعير مزاجي وكل يغني على ليلاه، وليس مستغرباً احتمال وجود فواتير مزورة أو غير نظامية لتبرير الأسعار الوهمية التي يتم البيع بها للتهرب من المخالفات التي قد تطولها، والتفاوت الكبير في سعر القطعة نفسها من محل لآخر ومن سوق لآخر خير دليل على التمادي بالتلاعب بالأسعار من دون أي اعتبار للجهات الرقابية.
إن ما تقدم يجعل من شراء ألبسة الأطفال قبيل العيد صعب المنال على الكثير من الأسر، وخاصة من لديها أكثر من طفل، وكثيراً ما يشاهد المرء أثناء تجوله في الأسواق وجوه الأهل شاحبة وهم يفتلون من محل لآخر لعلّهم يوفقون بشراء ألبسة مناسبة وبأسعار محمولة لأطفالهم، لكن في الأغلب من دون جدوى.
لا شك في أن فلتان أسعار محال الألبسة ما كان ليحدث على هذا المنحى لولا الاستهتار بالإجراءات الرقابية واللامبالاة حيال العواقب التي لا تعد رادعة وفق ما يتم تسطيره من ضبوط، وهنا تطفو إلى السطح ضرورة تفعيل الرقابة والتدقيق في الفواتير وعدم التهاون في حال ملاحظة التلاعب بأي منها وإنزال أشد العقوبات بحالات فحش الأرباح وتجاوزها النسب المسموحة.