إيفا العباس في “حنين”… شيءٌ ما يختبئ خلف الألوان المتزاحمة

الرغبة بالفرجة، صفةٌ يجب أن تتحقق في مُشاهدي لوحات “إيفا العباس”، فكلما زاد البحث في الألوان المُتزاحمة، وقع المُتلقي على اكتشافٍ ما، لونٌ طغت عليه انحناءةٌ ما أو ضربةُ ريشةٍ مُعاكسة، بيتٌ أخفته الخطوط والتعرجات، وردةٌ أو قنطرةٌ أو وجهٌ، تشكيلٌ أُريد له التواري أو باعدته الأسباب على اختلافها، تماماً كما في يومياتنا، فكرةٌ باغتتنا ذات صباح، جارٌ كان يسكن قريباً منا، ولهذا كان الـ “حنين” عنواناً فرض نفسه، منذ اكتملت مجموعة الأعمال المعروضة حالياً، في صالة الرواق العربي “افتُتح المعرض بتاريخ 22 آذار الجاري”.
تشتغل العباس بسخاءٍ على سطوح لوحاتها، حتى يصعب التقاط موضوعٍ مُحدد، من نظرةٍ سريعة، ترفض التمهل أمام ما تراه، أو تُريد التوقف عند ملامح وزوايا واضحة، افتراضٌ ينسجم مع استعراض ماضٍ أو حكايةٍ جمعتنا بالأشخاص والأمكنة وغيرهما. تقول العباس لـ “تشرين”: نحن نتجاوز كل شيءٍ في حياتنا، إن صح التعبير، لذلك يصعب حصر الحنين أو توجيهه، ربما يشمل كل ما هو جميل، “الأرض، الأم، التاريخ، الموروث”، ومع ذلك، تبدو تفاصيلٌ ريفية بسيطة، أقوى حضوراً مما سواها.
البحث في تجربة الفنانة، يبدأ لدى الفنان والباحث “حسين صقور”، مما قدّمه والدها الفنان “جمال العباس”، وعلى حد قوله: “التأثر والتأثير مطلبٌ وحاجة، لا يمكن لفنانٍ أن يعيش بعيداً عن محيطه، ولن يحقق قفزته سوى من خلال تحديد موقفه ورأيه في هذا العالم، حتى تلك القفزات المتمردة ما هي سوى ردّات فعل، تعلن عن شكلٍ آخر من أشكال التأثر والتأثير”. يُضيف لـ “تشرين”: عند الفنانة إيفا العباس نجد ذاك المجموع اللوني الدافئ الذي فرشت أساسه البيئة، وخاض في غماره والدها، استطاعت أن توظفه عبر تكويناتٍ تجنح للتعبيرية التجريدية، وبحسٍ أكثر تلقائية وعفوية، وضعها ضمن الزاوية الأكثر اتساعاً في قدرتها على معالجة مواضيع عديدة.
ورأى صقور أن طروحات العباس، تعكس خصوصيةً، من حيث انتماؤها لذات الفنانة وبيئتها الأكثر فرادة، وبهذا الشكل تصير التأثيرات متاحة ومباحة لكونها استكمالاً ناهضاً
لإرثٍ سابق، تُكمل من خلاله ما أسس له والدها، ليبقى البناء مفتوحاً لارتفاعاتٍ وتجاوراتٍ واشتقاقاتٍ، عبر مبدعين آخرين.
بدوره، أشار الفنان “أسامة دياب” إلى أن الزخم اللوني في لوحات العباس، مُتآلفٌ ومرصوفٌ بإيقاعٍ واحد، في تكويناتٍ قوية، تُظهِر وعياً وفهماً للجملة البصرية، وقال أيضاً: السطوح غنية بشكلٍ مدروس، نقرأ فيه عباراتٍ تشكيلية قوية، ومشاهد ريفية لافتة.
يُذكر أن “إيفا العباس” تحمل إجازة في الفنون الجميلة “قسم الرسم والتصوير”، وهي رئيسة قسم المعارض في المركز الثقافي في السويداء منذ عام 1996، والمعرض الحالي “حنين” هو الفردي الثاني، حيث أُقيم الأول في السويداء عام 1998.
تصوير: طارق الحسنية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
«زراعي» حمص يصرف 46 مليار ليرة ثمن قمح.. ويمنح 27 قرض طاقة متجددة من إعلام العدو .. استطلاع إسرائيلي: أكثر من نصف جنود الاحتياط فقدوا ثقتهم برئيس الأركان هليفي انخفاض كبير في أسعار لحوم الأغنام في الأسواق.. لماذا لم ينعكس على المواطن؟ السياحة.. أول من مرض وأول من تعافى!!.. الوزير مرتيني: متفائلون بعودة السياحة العربية والأوروبية إلى سورية لسابق عهدها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تحذّر من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.. قره فلاح: من المتوقع أن يشهد مناخ البحر المتوسط تغيرات ملحوظة بعضها شاذّ أو غير معتاد رغم رفع سقفها.. الإعانة السنوية للشلل الدماغي مازالت غير ملبية لاحتياجات المرضى الشعلة يواصل تحضيره للدوري الممتاز.. اشتراط فحص المركبات الدوري في المحافظة نفسها المسجّلة فيها أربك مالكيها وعطّل فاعلية البرنامج المركزي القادري وكريزان بطلا السرعة والدريفت في سباقات دمشق في طعامنا ومياهنا والهواء الذي نتنفسه.. جزيئات البلاستيك المتناهية تهديد كبير لنظم الغذاء والبيئة والصحة