التغير المنتظر
من المؤكد كان لزيارة السيد الرئيس بشار الأسد للإمارات صدى كبير و بوابة أمل وأفق جديد وهي طبيعية لمن يقرأ العالم و حتمية التغيير بعد الحرب الروسية- الأوكرانية و التي هي حرب بالوكالة باتجاهين , فهي من ناحية حرب ورطت بها أوكرانيا عبر سياق انقلابي تاريخي بدأ بالانقلاب البرتقالي واستمر بسيرورة استفزازات وإقصاءات و السير بخطا تهديد الأمن القومي الروسي لتجسيد الهيمنة و التفرد للولايات المتحدة الأمريكية و هو فزّاعة لتجميع وتكتيل و ابتزاز واستنزاف الغرب الأوروبي والذي ثبت أنه كان أحد ضحايا العولمة المتأمركة , فكل شيء أشباه عنده , أشباه حضارة , أشباه نخب , أشباه اقتصاد , أشباه إنسانيين , و الغريب أن العالم كله متيقن بالفخ الذي وضعته لهم الولايات المتحدة و لكنهم يسيرون نحوه بأبصار مفتوحة وكأنها فاقدة البصر وللأسف البصيرة الأوروبية أصابها العمى الكامل منذ الحرب العالمية الثانية واستكملت بفترة ما بعد العدوان الثلاثي و الذي بدأت من بعده الولايات المتحدة تملأ الفراغ و تطهر الوجود الغربي وليس آخرها ما حصل بالشرق الأوسط و بشمال إفريقيا منطلقة بأن عولمة الفوضى هي مكسب لها طالما ساحتها خارج أراضيها و الوكالة الثانية وهي ما تقوم بها روسيا سواء عن سلوك إجباري لحماية وجودها و ردع السلوك القذر الإره*ابي* الهادف لتهشيمها وتقسيمها و فرض قانون الغاب على العالم , و سيد الغاب الولايات المتحدة المتحررة من أي رادع أو وازع وبحكم مسيرتها في الدفاع عن كيانها وبحكم من تواجه عبر صب الزيت على النار واستكلاب طغم كثيرة و المشاركة بطرق مختلفة , أسلحة, تسهيلات , عقوبات و تجاوز لكل التنظيرات المليئة بالإنسانية والسلام و التفاوض ورفض العنف والقتل , وهو مجرد هراء في خندق ثبتت عنصريته و إباحيته المنغمسة بتكور غرائزي أفقده الإنسانية وبالتالي هذا الصراع جعل أغلب دول العالم المضطهد المسلوب الإرادة ,المستباح , المنهوب , المقسم بحكم عنصرية الليبراليين الجدد , المفرغ المسلوب كل سبل الحياة تتأمل انفراجات عالمية وتراهن على ما بعدها فهي ليست مع القتل ولا مع سفك الدماء ولكنها تقاتل وتناضل من أجل أنسنة العالم و إعادة الحياة والروح لكل ما جمدته وسلعته و صلبته الأمركة , لم يعد شيء طبيعي ولم يستطع أحد المقاومة والمواجهة .حتى الفساد الطاغي و المنتشر بأقصى درجاته أفقياً وعمودياً كانت منظومة الغربنة , و الغربان هي آلة نشره وانتشاره ..
المهم وجدنا سلوكيات عديدة عاندت إملاءات الغربان و غردت خارج السرب و كذلك تفكير الأغلبية بالالتفاف و احتواء العقوبات والتي غالباً سترتد على متخذيها و من هذه الأفكار تفاءل كثر خيراً في الفترات التالية و لأنها طوق النجاة للدول المقصودة من جهة وخاصة روسيا والصين وغيرهما وللدول التي تجرأت بعدما فقدت المصداقية الأمريكية و التي تعاطت معها بالتهديد والوعيد ومنها دول عربية ارتهنت للولايات المتحدة و استمرت رغماً من ابتزازها وسلبها ونهبها وبالتالي رهبة العقوبات و القفز فوقها قد خف أو أنه أصبح بحكم الاستشفاف المرحلي و حماية الذات من مقتضيات القادم تغيير السلوك والعقلية وهو ما نراهن عليه كبوابات فرج قادمة منقذة و مواجهة وممانعة عبر زيادة التبادلات البينية الاستثمارية و التبادل السلعي و حتى السياحي و بعقلية كهذه تخف انعكاسات العقوبات وبالعكس النواتج الاقتصادية تنتقل أوتوماتيكياً لصالح الدول المعنية , والخاسر الأكبر هي دول الغربنة والتي سترتد عقوباتها عليها وكذلك ستعاني من عقوبات مضادة وما ستعاني من امتعاضات داخلية و سلبيات على المؤشرات الاقتصادية ومنها البطالة و السير نحو تضخم كبير و تباطؤ التعافي الناجم عما سببته الإجراءات ضد الكورونا المعولمة المؤمركة و الذي يزداد اليقين بنشره وتزداد الثبوتيات عن تورط مراكز الأبحاث الجرثومية في أوكرانيا و حوالي ٣٢ بلداً والغاية هي التفوق الاقتصادي للولايات المتحدة على حساب تدمير ممنهج ومبرمج لاقتصاد الآخر وخاصة الأوروبي والذي لم يستطع التكيف والمجابهة ولم يكن مهيئاً مثل الدول التي جعلوها عدوة كروسيا والصين.
المهم أن التكيف والالتفاف على العقوبات و تغيير التموضعات العالمية هي رهن بأجندات الدول الساعية للتحرر من نير التوحش الرأسمالي و رهن بأفعال و توحيد جهود الدول المتصدية لإرهاب الغربنة وكيفية إدارة العمليات مرحلياً كتكتيك و استراتيجية كسياق عام مؤثر و مثبط للتفرد وللتوحش و مكرس لتعددية عالمية تقوض دور الدولار الإمبريالي واليورو المساند كأقوى أسلحة الهيمنة والسلب والنهب و تحويل أوراق لا تكلف سوى القليل , اقتصاد حقيقي و تعرية الهيمنة الاقتصادية عبر اقتصادات معلوماتية وهمية و عبر بورصات وأسواق مالية مبرمجة وجاهزة للتدمير الممنهج كما حصل بأزمة ٢٠٠٨
و كذلك كما فعلت روسيا , توطين الاستثمارات المحلية عوضاً عن الماركات العالمية والتي تسوق سلعها بماركاتها المعولمة فقط و استطاعت روسيا ملء الفراغ وتوفير ملايين الدولارات أو العملات المحلية..
المهم كل الأدوات جاهزة والخبرات والآليات و الموضوع بحاجة لفرق طوارئ وبحاجة لكسر القيود والعقوبات والتهديدات وهو ما وجدناه زيارة السيد الرئيس بشار الأسد للإمارات بوابة لانفراجات قادمة بكافة النواحي ومنها الاقتصادية والسياسية و السيادية وهي بداية ملء الفراغ في التشققات الدولية و بدء إظهار عدم الثقة بالقيادة العالمية السابقة .