لم تقم الولايات المتحدة بأي دورٍ خارجي في تحقيق مصالحها أو أطماعها إلا وربطته بورقة الإرهاب، وهذا الأمر بدأ معها منذ نشأتها الأولى، واستمرت به إلى وقتنا الراهن، وهذا الكلام ليس تجنياً، وإنما هو وقائع تؤكدها ممارساتها اليومية بحق الدول والشعوب، والتي تفاقمت أكثر فأكثر أواخر القرن الواحد والعشرين عندما جعلت نفسها القطب الأوحد المهيمن على العالم.
واشنطن، ورغم دهاء مسؤوليها عبر تاريخها القديم والمعاصر؛ لم تنجح في إخفاء تلك الحقائق عبر إطلاق شعارات رنانة، ومصطلحات مضلّلة لتعمية الرأي العام العالمي عن نياتها الخبيثة، فسياساتها العدوانية وإجرامها المفضوح وتحركاتها الشيطانية أفشت أمرها، والهنود الحمر وهيروشيما وناغازاكي ومجازرها في أفغانستان وحروبها العبثية المباشرة وغير المباشرة، السياسية والاقتصادية منها والإعلامية والاجتماعية خير شاهد على إرهابها بمختلف أشكاله وألوانه، ولاسيما في ظل سيطرتها الكاملة على المنظمات الدولية وحرف توجّهاتها والتحكّم بقراراتها على نحوٍ يضمن لواشنطن تنفيذ مخططاتها المشبوهة وتحقيق أهدافها الاستعمارية.
لا أعتقد أن أحداً، حتى من يتماهى مع الولايات المتحدة وأبلستها، سينسى كيف ضربت ولا تزال عرض الحائط بكل القوانين والقرارات والأعراف الدولية التي تتعارض مع سياساتها التخريبية، من حيث تدخلها المباشر في شؤون الدول عبر التنظيمات الإرهابية التي رعتها ودرّبت متزعميها وضخّت في شرايينها كل أنواع الدعم والإجرام لسفك مزيد من دماء الشعوب وتدمير الدول وبناها وسرقة مقدراتها وخيراتها، وفرض الحصار الجائر عليها وممارسة كل أنواع الضغط والحرب الاقتصادية والإجراءات القسرية الأحادية لـ “إخضاعها”، وكأقرب مثال على ذلك سياستها الإجرامية بحق سورية والتي أثّرت على نحوٍ لا يحتمل في لقمة المواطن السوري وغذائه ودوائه، وضيّقت سبل العيش أمامه.
معزوفة “الديمقراطية” المزيفة التي لا تملّ أمريكا من تردادها على مسامع الشعوب برزت في مجازرها بقندهار والعراق وفي كل مكان وطأته قدما إرهابها، وادعاء واشنطن “محاربة” الإرهاب الذي تصنّعه في مطابخها السياسية ومازالت؛ باتت مفضوحة حتى عبر تصريحات مسؤوليها في الأروقة، وفي معاركهم الانتخابية التي يفضح فيها بعضهم بعضاً، ويتكشّف فيها انخراط أمريكا العميق في إنتاج الإرهاب وتفريخ تنظيماته وتصديره إلى أنحاء العالم لاستثماره في تثبيت أطماعها على حساب الشعوب ومقدراتها.