استثمارٌ إرهابيّ
من البوابة نفسها تحافظ الولايات المتحدة على “إطلالتها”.. بوابة الإرهاب والاستثمار به وتوظيفه وتدويره، والمحافظة على ديمومته وبث الحياة فيه، إذ بات من البدهيات أن الإرهاب بديلٌ للوجود الأمريكي، بل هو يقوم بما يقوم به الوجود الأمريكي ذاته.
ما إن يخفت وجود تنظيم “داعش” الإرهابي قليلاً على الساحة العراقية حتى يعود بشكل أو بآخر، من حيث العمليات الإرهابية التي تطول المدنيين والمقرّات الأمنيّة العراقية إلى جانب البنى التحتيّة، وهي ليست عودةً بالمعنى الفعلي، إذ لم ينتهِ وجوده بعد، فهو موجود في العديد من الجيوب والثغور، وتعمد واشنطن إلى تحريكه بين الفينة والأخرى عندما تقتضي مصالحها.
الحاجة الأمريكية للإرهاب هنا تأتي في مرحلة مهمة وحساسة جداً بالنسبة للعراق المقبل على انتخابات نيابية في تشرين الأول المقبل، لذلك، المطلوب أمريكياً الاستمرار في خلط الأوراق على الساحة العراقية وإبقاء الوضع السياسي على حاله الراهنة عبر وضع العصي في دواليب الانتخابات خوفاً من نتائج لا تصبّ في المصلحة الأمريكية، أي عرقلة العملية السياسية مع استبعاد أي احتمال لإرساء الأمن والاستقرار واستمرار حالة عدم اليقين.
إضافة إلى ما سبق، لابدّ من التذكير بأن العراق هو جزء من محور المقاومة، والغاية الأمريكية هنا هي استنزاف المقاومة العراقية وإشغالها، تماماً كما كانت الغاية من الحروب التي استهدفت دول المنطقة هي استنزاف الجيوش العربية وتجريد الدول من عوامل قوتها واستقرارها، كرمى «تسيّد» «إسرائيل» والحفاظ على “أمنها” المزعوم.
ترى واشنطن أنه في إمكانها أن تتخذ من العمليات الإرهابية ذريعةً لديمومة وجودها بدعوى ضرورة “محاربة الإرهاب”، وهذه الذريعة تحتاجها اليوم بشدة في ظلّ المطالبات، ومن جميع المستويات العراقية بضرورة إنهاء الوجود الأمريكي.
كلّ محاولات أمريكا المستميّتة للمحافظة على قوتها وسطوتها ووجودها في المنطقة عبر أوراقها الإرهابية واستهدافاتها المتكررة لقوى المقاومة ومحاولة سلب سيادة الدول، ستُمنى بالفشل الذريع، إذ لن يحول شيء دون استمرار المقاومة في المواجهة والنيل من المحتل بمسميّاته المختلفة، فأي وجودٍ لأي قوة على أراضي أيّ دولة من دون طلبها، هو احتلال وجبت مقاومته بموجب القوانين الدولية.