كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة العقلية ..؟
يعد التخلف العقلي من أكثر الإعاقات انتشاراً بين الإعاقات الأخرى، حيث يسبب قلقاً مزدوجاً للأهل بسبب ارتباطه ارتباطاً جذرياً بدرجة الذكاء ومدى قدرة الشخص المتخلف عقلياً على التكيف الاجتماعي، ويؤثر في قانونية تصرفاته.
الدكتور آذار عباس عبد اللطيف – قسم التربية الخاصة «كلية التربية» جامعة دمشق بيّن أن التخلف العقلي يحدث في سن مبكرة نتيجة عوامل وراثية أو جينية أو بيئية مَرضية يصعب الشفاء منها، أو عدم اكتمال النمو العقلي، ويتضح ذلك في مستوى أداء الفرد، خاصة في المجالات التي ترتبط بالنضج والتعلم والتكيف مع البيئة بحيث ينخفض مستوى هذا الأداء عن المتوسط، وصنّف عبد اللطيف التخلف العقلي إلى تخلف عقلي بسيط تتراوح نسبة الذكاء فيه بين (55-70%) وفيه يتوقف النمو الذهني عند مستوى طفل عادي في سن 7ـ 10 سنوات، ويلاحظ على الشخص المصاب به ضعف الحاصل اللغوي ما يجعله يعبّر بجمل قصيرة غير سليمة التركيب، وهناك التخلف العقلي المتوسط وتتراوح نسبة الذكاء فيه بين (35-55%)، ويتوقف النمو الذهني عند مستوى طفل عادي في عمر من 3ـ 7 سنوات، ويلاحظ على الشخص المصاب به أنه يظهر أحسن حالاً من الشخص الذي يعاني من التخلف العقلي الشديد، حيث يستطيع حماية نفسه من الأخطار، إلا أنه غير قادر على الإفادة من الدراسة الاعتيادية، ولكن يمكن تدريبه على العناية ببعض احتياجاته الشخصية.
وبيّن عبد اللطيف أهمية التعرف على أسباب التخلف العقلي لكونه يسهم في الحد من انتشاره، كالعوامل البيئية والوضع الصحي والنفسي للأم أثناء فترة الحمل أو قيامها بالتدخين أو تعاطي المخدرات أو تناول الكحول أو إصابتها بأحد الأمراض المَعدية.
وعن العلاج قال عبد اللطيف: اكتسب علاج التخلف العقلي في العقود الأخيرة حماساً، خاصة بعد اكتشاف بعض المواد العضوية السامة التي يمكن تلافيها أو الوقاية منها للحفاظ على سلامة دماغ المولود، وتعدى ذلك إلى الكشف عن وجود خلل بالكروموسومات في الجنين خلال الحمل، وفي حالة الأمراض ذات المنشأ المعلوم يوجد علاج طبي يمكنه منع أو تقليل أو وقاية المصاب من المواد السامة. والعلاج التربوي يشمل أساليب تربوية خاصة كاستثمار ذكائه المحدود وإمكاناته بأفضل طريقة ممكنة، ومساعدته على القيام بأي عمل مفيد يكسب منه، وقد يستلزم ذلك تعليمه في مدارس التربية الفكرية بأساليب متخصصة تربوية وعلاجية.
وعن الإرشاد النفسي العلاجي أشار عبد اللطيف إلى أن الاهتمام يزداد اليوم بالطفل المتخلف، وحقوقه الاجتماعية والنفسية والإنسانية التي يرعاها، ويحافظ عليها القانون في مجالات متعددة مثل التعليم والتأهيل والصحة من خلال المدارس الخاصة ومراكز التأهيل والتدريب التي تتوفر فيها جميع الإمكانات لخدمته داخل الأسرة وخارجها، كما توجد البرامج الخاصة للعمل مع الأهل وإعدادهم للتعامل مع الشخص المتخلف بصورة جيدة.
بدورها الاختصاصية في مجال تقويم الكلام واللغة حلا إسماعيل قالت: نلاحظ تفاقم المشكلة اللغوية عند وجود إعاقة معينة تحدّ من التطور الطبيعي لها، فأطفال متلازمة داون مثلاً يأخذون وقتاً طويلاً في اكتساب المهارات اللغوية، وتكمن المشكلات في قلة عدد المفردات اللغوية، واستخدام ظروف الزمان والمكان وحروف الجر بشكل غير مناسب، والبناء القواعدي غير الصحيح للجملة، وضعف عضلات النطق التي تؤثر في النطق الصحيح والمفهوم للأصوات.
بعدها يبدأ اختصاصي تقويم الكلام واللغة بمساعدة الأهل بالقيام بتمارين لتقوية عضلات النطق، وعند مرور الطفل بمرحلة نطق الكلمات يبدأ الاختصاصي بزيادة الحصيلة اللغوية عنده، من خلال تعريفه بمفاهيم جديدة باستمرار، مثل الخضار والفواكه والملابس، والحيوانات ووسائل النقل، ليبدأ بعدها بزيادة عدد الكلمات بالجملة وزيادة مهاراته على فهم اللغة من خلال تدريبه على القيام بنشاطات أو طلبات بسيطة، هنا يأتي دور الاختصاصي في مرحلة ما قبل المدرسة، حيث يقوم بزيادة المهارات اللغوية عنده، مثل تعليمه صيغة الملكية والتذكير والتأنيث، وتقوية مهاراته الحسّية وذاكرته السمعية.
من جهتها مديرة الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هنادي خيمي أكدت أن هناك معهدين للإعاقة العقلية يتبعان للوزارة، أحدهما في منطقة باب مصلى في دمشق، وهناك معهدان في ريف دمشق، واحد ببلدة قدسيا، والثاني بمنطقة التل، والمعاهد للذكور والإناث، ومن عمر خمس سنوات حتى خمس عشرة سنة، أما الطاقة الاستيعابية لمعهد دمشق فهي 60 ومعهد قدسيا 20 ومعهد التل 100 ويتم تقديم كافة الخدمات لهم من رعاية وتعليم وتدريب مهني ومعالجة فيزيائية والإقامة الدائمة في بعضها.
وتابعت خيمي: توجد أيضاً في المحافظات الأخرى معاهد للإعاقة العقلية وتقدم جميع الخدمات فيها، والمنهاج التعليمي المعتمد ضمن جميع المعاهد هو المنهاج الوطني الموحّد لمعاهد الإعاقة الذهنية.