ما يحدد طبيعة المرحلة المقبلة هو الاهتمام الحكومي بإعادة تأهيل مكونات الاقتصاد، بأبعاده الإنتاجية والخدمية، ووضع الاستراتيجيات والخطط المطلوبة لترجمته على أرض الواقع، لكن القطاع الذي يظهر نتائج واضحة ومباشرة لهذه الترجمة هو القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص، لأنه يؤّمن الحاجات الأساسية للسوق من جهة، وحجم الدعم والمشاركة الفعلية بالناتج الإجمالي المحلي من جهة أخرى..
من هذا المنطلق لابد من رسم استراتيجية تحمل عناوين رئيسة تحدد الآلية الواجب اتباعها لزيادة فاعلية القطاع الصناعي بما يتماشى مع متطلبات المرحلة المقبلة، وتأمين الحماية اللازمة لهذا المكون، من خلال اتباع خطوات جادة في هذا المجال، تكون البداية في إحداث مجلس أعلى للصناعة يضم في عضويته ممثلين عن الشأن الصناعي، وتأسيس صندوق خاص للدعم، يتم من خلاله تقديم مساهمات إعادة التأهيل، وتطبيق برامج التطوير للبنية الصناعية العامة والخاصة بما يحقق تشاركية القطاعين العام والخاص، وفق استراتيجية يرسمها المجلس الأعلى للصناعة..
ناهيك بالاهتمام بالإجراءات المرافقة التي تسهم في إنجاح الاستراتيجية منها على سبيل المثال: مساعدة الصناعيين في جدولة قروضهم، ومنح الإعفاءات من كل الضرائب والرسوم وإعطاء ميزات وتسهيلات لتمكّن أصحاب المنشآت من إقامة مشاريعهم أو توسيعها أو تطويرها، إلى جانب تأمين التمويل للمستوردات الأساسية اللازمة للمنتج المحلي، وتوفير استقرار أسعار صرف الليرة، والأهم إعفاء المشاريع المراد إقامتها من جميع الضرائب المفروضة على الدخل.
وإجراء آخر لا يقل أهمية عما ذكر يكمن في توجيه مصارف التمويل الاستثماري متناهي الصغر لإيجاد فرص العمل في المناطق الريفية والنائية، وتأسيس حاضنات أعمال لها، إلى جانب إقامة شركات متخصصة في تسويق المنتجات المحلية، والبحث عن أسواق خارجية، مع وضع ضوابط واضحة على المستوردات، تكفل حماية للمنتج المحلي ومنع استيراد المماثل له..
لكن من دون أن ننسى الاهتمام بالخبرات الوطنية، وبناء قدراتها واستثمارها بشكل أمثل في قضايا التطوير والتحديث الصناعي الذي يلامس قطاعاته المتنوعة، ويرفع من مستوى الأداء وزيادة المردود الانتاجي الذي يحقق الغاية والهدف باتجاهين، الأول اقتصادي والثاني اجتماعي يحقق تحسين مستوى المعيشة للمواطن باعتباره الهدف من كل نشاط..
Issa.samy68@gmail.com