2.36 تريليون دولار القيمة السوقية للعملات المشفرة عالمياً.. توجه كبير لاعتمادها دولياً لكن ضمن محاذير

دمشق- تشرين:
تبلغ القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة عالميًا اليوم 2.36 تريليون دولار، كما شهد متوسط حجم تداول العملات المشفرة 65 مليار دولار يومياً.
ورغم ما تشهده أسواق العملات المشفرة من تراجع ملحوظ خلال تعاملات الأيام الماضية، مع انخفاض أسعار العديد من العملات الرقمية الرئيسة، إلّا أنها تأخذ حيزاً مهماً من تفكير مجتمع الأعمال الدولي، في ظل عدم الاستقرار في العملات النقدية الدولية والأساسية منها (الدولار واليورو والين وغيرها).

يمثل حجم تداول العملات المستقرة، وهي العملات التي تحافظ على قيمة ثابتة مرتبطة بعملات تقليدية مثل الدولار الأمريكي، النسبة الأكبر من إجمالي حجم تداول العملات المشفرة، حيث بلغت قيمتها في يوم تداول واحد خلال الأسبوع الماضي، 59.86 مليار دولار، أي ما يعادل 92.09%.
بالمقابل، شكلت العملات اللامركزية (DeFi) نسبة 7.80% من إجمالي حجم التداول، بإجمالي قيمة بلغت 5.07 مليارات دولار.
ولا تزال عملة بيتكوين، العملة الرقمية الأكبر والأكثر شهرة، تحافظ على مكانتها المهيمنة في السوق، حيث تمثل وحدها أكثر من نصف إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة، بنسبة تبلغ حاليًا 54.17%.

اتجاه دولي
تتجه دول العالم لاستكشاف العملات الرقمية واعتماد استخدامها في المعاملات المالية داخل البنوك المركزية، وتسير معظم دول الشرق الأوسط على هذا النهج، ولكن تقترن بهذه الخطوة ميزات وعيوب على حد سواء.
حيث كشفت ورقة بحثية حديثة لصندوق النقد الدولي صدرت الثلاثاء الماضي أن ثلثي دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تستكشف اعتماد عملة رقمية تابعة للبنك المركزي كوسيلة لتعزيز الشمول المالي وتحسين كفاءة المدفوعات عبر الحدود.

وتستكشف حالياً تسع عشرة دولة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى اعتماد العملات الرقمية في البنوك المركزية، ولا تزال في مرحلة البحث، لكن انتقلت البحرين وجورجيا والسعودية والإمارات إلى مرحلة متقدمة، فيما تعد كازاخستان هي الأكثر تقدماً بعد برنامجين تجريبيين بشأن العملة الرقمية، بحسب الورقة البحثية.

محاذير
وحسب التقرير، فإنّ هذه الخطوة تتطلب دراسة متأنية، فمن ناحية يمكن أن تساعد العملات الرقمية في تسهيل المعاملات المالية والمدفوعات، لكنها من ناحية أخرى قد تؤثر على أرباح البنوك والإقراض وتكون لها آثار على الاستقرار المالي.

مزايا
يمكن أن تساعد العملات الرقمية للبنوك المركزية في تحسين كفاءة خدمات الدفع عبر الحدود، ويبدو أن هذه أولوية مهمة بالنسبة لمصدري النفط ودول مجلس التعاون الخليجي، وفقاً لبحث النقد الدولي.
وأرجع الصندوق ذلك لأن المدفوعات عبر الحدود تتعرض لاختلافات في تنسيقات البيانات وقواعد التشغيل عبر المناطق وفحوصات الامتثال المعقدة، وبالتالي يمكن للعملات الرقمية للبنوك المركزية معالجة أوجه القصور، وخفض تكاليف المعاملات بشكل كبير.

وقد أدخلت بعض البلدان بالفعل منصات تكنولوجية عبر الحدود لمعالجة هذه المشكلات وتعزيز مدفوعات العملة الرقمية بين البلدان، ومن الأمثلة على ذلك نظام “بونا” للمدفوعات عبر الحدود، الذي أنشأه صندوق النقد العربي في عام 2020.

كذلك يمكن للعملات الرقمية تعزيز الشمول المالي من خلال تعزيز المنافسة في سوق المدفوعات والسماح بتسوية المعاملات بشكل أكثر مباشرة وبوساطة أقل، ما يؤدي بدوره إلى خفض تكلفة الخدمات المالية وجعلها أكثر سهولة.

وعلى عكس البنوك التجارية، يمكن للبنوك المركزية أيضاً المساعدة في إبقاء التكاليف منخفضة لأنها غير مهتمة بتحقيق الربح، وبالمثل، فإنّ المنافسة المتزايدة الناتجة في سوق المدفوعات يمكن أن تشجع أيضاً على ترقية منصات التكنولوجيا وكفاءة خدمات الدفع، ما يساعد الخدمات المالية على الوصول إلى المزيد من الناس.

مخاطر متوقعة
تشير الدراسات النقدية المتخصصة إلى امكانية أن يكون لاستخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية فوائد هامشية فقط، وذلك في حال عدم التعامل مع بعض العوائق التي تعوق زيادة استخدام الحسابات والمدفوعات الرقمية، بما في ذلك انخفاض المعرفة الرقمية والمالية، والافتقار إلى الهوية، وانعدام الثقة في المؤسسات المالية، وانخفاض الثروة،
فحسب التقارير المصرفية، تشكل الودائع حصة كبيرة من التمويل المصرفي في المنطقة، نحو 83 في المئة، ونظراً لأن العملة الرقمية الصادرة عن البنك المركزي قد تتنافس مع الودائع المصرفية، فقد تؤثر على أرباح البنوك والإقراض وتكون لها آثار على الاستقرار المالي.
ومع ذلك، يتمتع المقرضون في المنطقة عموماً بمستويات كافية من رأس المال، وهوامش ربح، ومخازن للسيولة، وقد يؤدي تركيزهم المرتفع نسبياً إلى الحد من الضغوط على الودائع.
وحسب تقرير صندوق النقد الدولي، سيكون تقديم العملات الرقمية عملية طويلة ومعقدة، ويجب على البنوك المركزية التعامل معها بحذر، مشيراً إلى أنّ صناع السياسات قد يحتاجون إلى تحديد ما إذا كانت العملات الرقمية تخدم أهداف بلادهم وما إذا كانت الفوائد المتوقعة تفوق التكاليف المحتملة، والمخاطر التي يتعرض لها النظام المالي، والمخاطر التشغيلية للبنك المركزي.
منوهاً بأنه قد لا يكون تبني العملات الرقمية ضرورياً لتحقيق أهداف السياسة النقدية المرجوة، وقد تكون معالجة القيود الأساسية بديلاً أكثر عملية، مثل اعتماد أو تحسين أنظمة الدفع الرقمية الأخرى.

وأكد التقرير أنه في نهاية المطاف، سيكون إدخال العملات الرقمية عملية طويلة ومعقّدة، يجب على البنوك المركزية التعامل معها بحذر، ويتعيّن على صنّاع السياسات تحديد ما إذا كانت العملة الرقمية للبنك المركزي تخدم أهداف بلادهم، وما إذا كانت الفوائد المتوقعة تفوق التكاليف المحتملة والمخاطر التي قد يتعرّض لها النظام المالي والمخاطر التشغيلية التي قد يتعرّض لها البنك المركزي. وعلاوة على ذلك، قد لا يكون التبنّي ضرورياً لتحقيق الأهداف السياسية المقصودة، وقد تكون معالجة القيود الأساسية بديلاً أكثر عملانية، مثل تبني أو تحسين أنظمة الدفع الرقمية الأخرى.
وبيّن التقرير أنّ صندوق النقد الدولي يساعد البلدان في استكشاف العملات الرقمية للبنوك المركزية، ومن خلال تنمية القدرات والمراقبة، يدعم صنّاع السياسات في تقييم الحاجة إلى إصدار عملة رقمية للبنوك المركزية ومساعدتهم في صياغة سياسات وأطر تنظيمية قوية، يمكنها تقليل مخاطر الاستقرار النقدي والمالي.
كما ينشر صندوق النقد الدولي فصولاً جديدة من دليل العملات الرقمية للبنوك المركزية، مسترشداً بأسئلة محدّدة حول تنمية قدرات البلدان بشأن تقييم الحاجة والمخاطر، ووضع خطط ملموسة لإصدار عملة رقمية للبنوك المركزية.

جرائم بـ”المشفرة”
شركة “تشيناليسيس” المتخصصة في أبحاث سلاسل الكتل، بينت في تقرير لها، أن حجم المبالغ التي انطوت عليها جرائم العملات المشفرة سجل مستوى غير مسبوق العام الماضي بلغ 14 مليار دولار؛ وذلك في وقت تطالب فيه الهيئات التنظيمية بمزيد من الرقابة على هذا القطاع سريع النمو، حسبما نشرت وكالة أنباء “رويترز”.
وأوضحت الشركة في تقرير إنّ حجم العملات المشفرة التي استقبلتها عناوين المحافظ الرقمية المرتبطة بنشاط غير مشروع بما في ذلك محاولات الاحتيال وأسواق الإنترنت المظلم وبرمجيات طلب الفدية قفز بنسبة 80 في المئة عما كان عليه قبل عام، غير أن هذا النشاط لم يمثل سوى 15 بالألف من إجمالي حجم التعاملات في العملات الرقمية وهو أدنى مستوى على الإطلاق.
وبينت “تشيناليسيس” ومقرها الولايات المتحدة أن إجمالي أحجام التداول ارتفع إلى 15.8 تريليون دولار في 2021 أي بأكثر من خمسة أمثال ما كان عليه في العام السابق.
وشهدت الأصول الرقمية من عملة بتكوين إلى الرموز غير القابلة للاستبدال زيادة كبيرة في الإقبال عليها في 2021 مع احتضان مستثمرين وشركات كبرى لها.
ودخل المستثمرون الجدد السوق بفعل إغراء المكاسب السريعة التي روج لها أنصار العملات المشفرة وكذلك الأمل في أن توفر بتكوين حماية من التضخم المرتفع، غير أن تنظيم هذه العملات لا يزال متبايناً الأمر الذي لا يوفر حماية كافية للمستثمرين من الجريمة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار