تترك السياسات غير الناجحة آثاراً سيئة، تكون من مقدمة نتائجها استفحال مشكلات على رأسها تجذّر وباء الفساد بشكل كبير لدرجة صعوبة التخفيف من تشعباته، ومرد ذلك إلى اتباع ونهج سياسات غير موائمة ومناسبة للظروف الواقعية، مع عدم تفعيل آليات المحاسبة والردع الحقيقية، وتقود السياسة الخاطئة إلى تراجع الاستثمارين المحلي والأجنبي مهما كانت حجوم الميزات والتسهيلات المعطاة مشجعة لضخ رؤوس الأموال.
لا نتحدث عن مرحلة راهنة، أو فترة بعينها، إنما كرصد لمؤشرات تنموية واقتصادية تأتت بسبب اتباع سياسات اقتصادية لم تكن بذاك المستوى المأمول خلال سنوات خلت، فالإنتاج بقي مراوحاً في مكانه، حتى القطاع الخاص الذي أخذ من المكاسب الاستثمارية واستفاد من أجواء عمل مريحة غرق وعجز عن تغطية تكاليف الخدمات والسلع لشراء مستلزمات المواد الأولية، واختفت سلع من الأسواق وبات لسان حاله الشكوى وطلب المزيد من الإعفاءات، بمعنى آخر, فشل في رسم منظور تنموي اقتصادي خاص، لكنه انزوى جانباً متذرعاً بالعديد من الصعوبات، مكتفياً فقط بحساباته الخاصة ومصالحه الضيقة..!
تتباين الآراء مابين ناقد بقوة للسياسات الإنتاجية والتنموية ومعتدل بطروحاته، إلا أن عدم الرضا عن السياسات هو سيد الوقف، والحجة ما يحصل من تراجعات إنتاجية ومؤشرات التنمية وازدياد حدة الفقر، وبعيداً عن صوابية أو عدم صوابية تلك الرؤى، نطرح السؤال المهم: هل يتم تقييم السياسات, وكيف يتم رسمها، وما آفاق تلك السياسات ومدى ملاءمتها للواقع والظروف المتغيرة..؟!
السياسة الناجحة هي تلك التي تغير نمطية الإنتاج وتسهم في رفع وتائر النمو، وتضع حداً لمنافذ الفساد والإفساد، هي من تعزز قدرة البلاد على تطوير ثرواتها الهائلة وتحافظ على معدلات الإنتاج.. فالبحث الجدي عما هو جديد، وكيف سيتم استثماره مع الاهتمام أكثر بالمتاح سيترك تالياً مؤشرات تنعكس خيراً على المواطن والنمو.
بصراحة.. نقطة الانطلاق الصحيحة يجب أن تكون أولاً من قراءة أهمية مراجعة السياسات الاقتصادية باستمرار، ووضع مؤشرات علمية وغير متحيزة لقياس مدى نجاحها لتحديد فاعليتها، وتلك ليست بالمهمة الصعبة، فما الفائدة من اتباع سياسات ورؤى لم تحقق أي نتائج أو فورات اقتصادية مهمة..؟ إن أي سياسة تفشل في تحقيق رفاهية المواطن من الأصوب تعديلها أو نسفها برمتها، لعل في ذلك الإجراء وضع حد للنتائج الكارثية لسياسات جامدة..!