في كل مناسبة تلتقي فيها الفعاليات بمختلف أشكالها وأطيافها مع أعضاء الحكومة، يكون ملف زيادة الرواتب للعاملين في المؤسسات العامة في واجهة الطروحات والمطالبات، وعادة ما يتم الهروب أو القفز إلى الأمام بإجابات غير واضحة مسبوقة بشرح مفصل عن مآسي الحرب وما أفرزته من ظروف اقتصادية صعبة، وهذا الواقع لا يمكن لأحد إنكاره، ولولا تلك الحرب القذرة لما وصلنا إلى ما نحن عليه.
يقولون لنا: إن زيادة الرواتب أصبحت حاجة ملحة، إذاً، لماذا الانتظار في تحقيق هذه الحاجة التي أصبحت حلماً، وما الموانع من أن تُخطى هذه الخطوة التي من شأنها تعزيز ثقة المواطن، هل نحن بحاجة إلى إيرادات، أم نمتلك تلك الإيرادات على الورق ولكننا عاجزون عن تحصيلها؟
نحن نعلم أن التوجه نحو الإنتاج وتنشيطه أمر مهم جداً، لأن وفرة السلع وتصدير الفائض منها من شأنه أن يحقق انخفاضاً في سعر الصرف أو استقراراً في الحد الأدنى، وهو ما تسعى إلى تحقيقه سياساتنا النقدية، ولكن ماذا بشأن التصريحات التي نسمعها بين الفينة والأخرى عن عودة عشرات المنشآت الصناعية إلى العمل، وأين إنتاج تلك المنشآت، أليس من المفترض أن تظهر نتائج التشغيل في الدورة الاقتصادية، وأن تحقق إيرادات مهمة للخزينة وتُخفض من فاتورة الاستيراد، أم إن ما تحدثت عنه وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية عن ارتفاع نسبة المستوردات بنسبة 21% يجعلنا كالجاهلين بمجريات الأمور؟
نعود إلى محور زيادة الرواتب والأجور، ونحن ندرك أن وفرة الإيرادات المستدامة هي جوهر هذا الملف الذي أرهق تفكير المواطن، والسؤال: هل نحن عاجزون عن تأمين تلك الواردات؟ بالطبع لا، فالحكومة فتحت مؤخراً ملفات ضخمة وحققت إيرادات «مليارية» منها، كملف القروض المتعثرة، وملف الأملاك والعقارات والمرافق الحكومية المؤجرة، والتأمينات الاجتماعية، باستثناء ملف التهرب الضريبي، إذ مازال نائماً، وكل ما يُحرك في هذا المضمار لا يتعدى العمل الروتيني للدوائر المالية المختصة، لذلك لابد من فتح هذا الملف بيد من حديد، وعندها سنكون على أعتاب زيادة الرواتب بنسبة 100%.