لا تسعنا الفرحة نحن_ الموظفين_ في المؤسسات العامة عندما نسمع أخباراً مصرفية تسر الخاطر، كرفع سقوف قروض الدخل المحدود لتصبح مليوناً بدلاً من 500 ألف ليرة، عندها تأخذنا «الصفنة» العجيبة، ونبدأ بوضع قائمة لا تنتهي من حاجاتنا الضرورية التي نحلم بشرائها، وكأننا على موعد مع ترفنا القديم الذي حُرمنا منه طوال تسع سنوات مضت.
ولكن هذه الحالة لن تدوم طويلاً، وأقصد «الصفن»، فكل الأشياء التي يحلم الموظفون بشرائها ستتبخر عندما نعود إلى «فيشة» الراتب الشهري وندرك لحظتها أنه لن يكفي للحصول على قرض يتجاوز مبلغه 500 ألف ليرة، وربما أقل بكثير، هذا إن لم نقل، إن التضخم سيلتهم صفراً من المليون ليرة.
وبلغة إحصائية أكثر وضوحاً، وحتى لا تسوِّل لنا أنفسنا بما ليس لنا فيه، فإن المستفيدين من رفع سقف قرض الدخل إلى مليون ليرة ،حسب المجموعة الإحصائية، الصادرة مؤخراً عن المكتب المركزي للإحصاء والخاصة بتوزع العاملين من عمر 15 سنة فأكثر حسب القطاع وفئات الرواتب والجنس لعام 2017، لا يتجاوز عددهم 17556 موظفاً وموظفة، وهؤلاء يتقاضون راتباً شهرياً يتجاوز 65 ألف ليرة من أصل مليون و 557 ألفاً و 467 موظفاً يعملون في مؤسسات القطاع العام، بينما يوجد 8227 موظفاً رواتبهم أقل من الحد الأدنى للأجور 16500 ليرة لن يكون في مقدورهم الحصول على أي قرض باستثناء الصغيرة منها، في حين أن مليوناً و 316 ألف موظف وموظفة يتقاضون رواتب تتراوح بين 25 – 65 ألف ليرة لن يحصلوا على المليون ليرة كاملة عند تطبيق المعادلة الشهيرة لحساب مبلغ القرض على أساس 40% من الراتب المقطوع، وما زالت مصارفنا العامة تطالب برفع سقوف قروضها، وتدعي أنه سينشط حركة الإقراض بما يتمشى مع الأسعار الرائجة، وليس بما يتناسب مع راتب الموظف الذي يكاد يكفيه لشراء بضعة أقراص فلافل يومياً.
ملاحظة: وحتى لا يفسر أحد «الممغوصين» كلامنا عن حديث القروض وشجونه بأنه مطالبة بزيادة الرواتب، فيقول لنا: « ما في داعي.. منعرف هالشي»… نقول له: «بالله.. بتعرف.. مين راتب»؟