القلوب تفتح أبوابها قبل الحدود !

من هو اللاجئ..؟ هو الآن يرحل و يسكن المجهول وتطارده الحروب والمأساة.. يدور في الشوارع وينام على الأرصفة.. حتى يعرفها حجراً حجراً.. هو الآن يعلن قصَّته في لبنان إثر عدوان غاشم من كيان إجرامي…. كما أعلنها من قبل في سورية حرب إرهابية أكلت الأخضر واليابس.. و الحرائق تنمو على زنبقهْ.. هو الآن يرحل عنّا.. و نحن بعيدون عنه، و ثمة حقائب منسيَّة في مطارْ .. في كل حرب نعلن قصَّة .. كل يوم ..صاروخ موت .. خصلة ريح و قبلة نار.
الفرار من الحروب من الصواريخ والقنابل التي تسقط فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ ولا تستثني حتى عصفورا.. وهذا له علاقة وثيقة بالإنسانية والوجود والحق بالحياة.
ولعل هذا ما سارع من التحرك الحكومي وفرق الإغاثة السورية لمتابعة حركة النزوح باتجاه الأراضي السورية.. لتقديم كل الدعم والمساندة للإخوة اللبنانيين المهجرين ووضع الإمكانات اللوجستية والطبية والصحية في خدمتهم بالتنسيق والتعاون بين مختلف الوزارات والجهات العامة والخاصة المعنية.
ومنذ اللحظات الأولى شهدنا التحرك الميداني لوزارات الداخلية والإدارة المحلية والبيئة باتجاه الحدود السورية اللبنانية بهدف تأمين ما يلزم لتزويد المعابر والمراكز الحدودية بالمعدات والتجهيزات المطلوبة لضمان حسن سير العمل.
وتعاطى القطاع الصحي العام مع جميع الحالات الوافدة عبر تقديم العناية الصحية والطبية بكل أنواعها لمحتاجيها، ورفعت الجاهزية الطبية للمشافي بشكل تدريجي.
وجرى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لفتح مراكز الإيواء على امتداد الجغرافيا الوطنية عند الحاجة، وتزويدها بكل المستلزمات الضرورية من مياه وطعام ومستلزمات الإقامة، على مستوى كل محافظة تعنى بموضوع الأشقاء المهجرين اللبنانيين الوافدين إلى سورية، أو السوريين العائدين من لبنان، بالإضافة إلى تأمين وسائط النقل اللازمة لنقل المهجرين من النقاط الحدودية إلى مراكز الإيواء والإقامة، وتقديم كل التسهيلات للوافدين في المراكز الحدودية، والاستفادة من إمكانيات وزارة الإدارة المحلية والبيئة.
وتأهبت منظومة الإسعاف السريع في المراكز الحدودية، وزجت الطاقات الطبية المادية والبشرية المتوافرة لمعالجة الجرحى والمصابين، وأي حالات أخرى، مع وضع المشافي العامة والخاصة والمراكز الطبية بدرجة الجاهزية القصوى وتأمين الأدوية المنقذة للحياة، لتقديم كل التسهيلات لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية عبر الأراضي السورية إلى لبنان.
من جهتها اللجنة العليا للإغاثة واللجان الفرعية في المحافظات وضعت على أهبة الاستعداد للتعاطي مع أي حالات طارئة، بالتوازي مع استعداد الجهات المعنية الخدمية والصحية في المحافظات الحدودية مع لبنان، والتنسيق والتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري والجمعيات الأهلية لتقديم الدعم والمؤازرة والاستفادة من الإمكانيات اللوجستية المتوافرة لديها، والتواصل مع الجمعيات غير الحكومية العاملة على الأرض السورية لتقديم الدعم والمؤازرة للمهجرين.
وأبدت الفعاليات الاقتصادية والتجارية والمجتمعية كل التعاون في استقبال الإخوة اللبنانيين المهجرين وتقديم كل مساعدة ممكنة لهم.
يحمل اللاجئ في جيوب سترته الحد الأدنى من الوطن، وغالباً ما يكون مفتاح البيت القديم وصورة الأسرة.. الكثير من الأسر هربت من الحرب واتجهت الى المجهول ومنهم من لاقى حتفه فبل أن يصل إلى مخيم آمن ..السوريون يعرفون جيداً ماذا يعني اللجوء ..ولذلك لم يكن من المستغرب أن يفتح السوريون قلوبهم قبل حدودهم للإخوة اللبنانيين ..فقد سبق ومررنا بمثل هذه الظروف ولدينا تجارب سابقة .
وتجرعنا الكثير من الألم وبكت عيوننا.. ومازال أطفالنا يستيقظون فزعين تطاردهم أصوات الموت والخراب والدمار .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار