رفاه حبيب تبوح بشعرها: «كالغناء، أو أكثر قليلاً»

تشرين- راوية زاهر:

على أحد أروقة المركز الثقافي في صافيتا تمّ توقيع كتاب«كالغناء أوأكثر قليلاً» في باكورة أعمالها الأدبية للشاعرة رفاه حبيب بحضور نخبة من الكتاب والشعراء.

والكتاب صادر عن دار بعل للنشر بدمشق، يحتوي بين دفتية خمسة وثمانين نصّاً وجدانيّاً بلون واحد، مذيّلاً بنصوص من الشعر المحلي المحكي بلغة سلسلة..

وقد تصدرت لفظة (نصوص) واجهة الغلاف، مبتعدة عن تجنيسه كنوع أدبي محدد.

(كالغناء، أوأكثر قليلاً) :عنوان الكتاب، وقد انفصل عن نصوصه، في ابتعاد عن التقليد السائد وهو وضع أحد عناوين النصوص عنواناً للمجموعة.. عنوان مطرب، يبعث على الفرح، وكمقدمة نترك لها سلاسة الغوص والربط معنوياً بدهشة الخواتيم.

«مازلت أنتظرك أيها الوعدُ

المدفون تحت ألسنة القهر

ومازالت أحلامي

تغطّ في نومٍ عميق

يهدهدها البحر.»

وقد توزعت نصوص المجموعة بأغراضها المتنوعة، فمالت إلى المشاعر العاطفية المتدفقة المرتبطة بجينات الشاعرة بشكل مباشر، كأمّ بيدين متخشبتين، قدست عتبات الخصوبة لأجل بناتها الخمس، وقد ألبستهن الدعاء قرطاً من حب كتمائم تقيهن الشر والخطر.. وأبّ سبعيني بقلبه الصامد كشجرة سنديان تحرس تخوم الوجع.. و(ساجي).. فلذة الكبد التي غادرت ذات رحيل دون موعد.. وكثير من الومضات التي تناغمت من وقع الغياب والحبّ والشوق والرغبة، وعلى يقين معها بفوضى القدر وحتميته.

ومن سمات هذه النصوص أنه كثيراً ما برز استخدام الشاعرة ضمير المتكلم (أبي، أمي، بيني وبينك، ضمني إليك) وغيرها، ما جعل النصوص تميل إلى الذاتية المطلقة.. وهذا ما تجلى لدينا في استخدام ظاهرة الالتفات المرتبطة بالانتقال بين الضمائر وتنوعها، معبرة عن الحالة الانفعالية للشاعرة والقفلات المدهشة..

«لأجلك

اقتلعتُ عين الاحتمالات

وضمتُ طرف الحقيقة

لأجلك

سأتلو كل صباح تعويذة الغياب

وأستجدي عطف المسافات علّ

القمر يغازل مسائي بعد يباس

لأجلك

سأقتلع عقارب الوقت

لأصل عينيك.»

ينما تميّزت لغة الشاعرة باستخدامها للغة المجاز والتحليق عالياً باللغة، إضافة إلى الانزياح اللغوي ، فعجّت النصوص بالصور والاستعارات والتشبيهات التي تخدم المشاعر وتلون الصور بما يخدم المواضيع المطروحة: (جسد الحقيقة)، (خيول الشوق) :تشبيه بليغ إضافي، (موجوع كغصة هاربة) تشبيه مجمل.

(أنا ملحك اليومي) :تشبيه بليغ.. (قلب جورية، الشمس تطرّز طرحة الصباح، جبين الصدفة..) كلها استعارات مكنية محذوف منها المشبه به وقد ترك شيئاً من لوازمه ليخدم المعنى المراد من الصورة.. وقد برز حضور الأحرف الهامسة التي تنقل الحالة الشعورية الرقيقة القريبة من الروح وأوجاعها للمتلقي : (س، ه، ش).. هسيس، نتقاسم، سهام، نسرّح..

وكذلك برز أسلوب الإنشاء متمثلاً بالأمر (تعال، ضمني)

والخبر (سأتلو كل صباح تعويذة الغياب).. وبرز الفعل المضارع لاستمرار وديمومة الحزن الناتج عن الفقد المتكرر.

وقد ختمت الشاعرة كتابها بنصوص شعرية محكية بلغة سلسة وبسيطة، وحملت عاطفة متأججة وموسيقا لطيفة تركت وقعاً رقيقاً في النفس، ومنها أخذنا هذا النص :

مرة بصدفة شفتك وغصيتْ

إصرخ وانده ليك شو تمنيت

لكن بلحظة شهقت الدمعات

وقفت ع باب القلب عالسكيت

وتخربطت واتعمشقت نهدات

ع جروح كبرت وقت فلّيت

صار الوجع يغزل صدى الآهات

ويسكر جنبي بخمرة اليا ليت.

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار