أسماؤنا.. هل تؤثر في شخصيتنا.. وهل مقولة «لكل امرىء من اسمه نصيب» صحيحة؟

تشرين- نور حمادة:
الأسماء من الأشياء التي تفرضها علينا الحياة منذ ولادتنا، وتبقى تلازمنا مدى العمر، ونُنادى بها عشرات المرات يومياً، من دون أن نستطيع تغييرها أو تعديلها بغض النظر إن كنّا نحبها أو نستاء منها، وإلى أي مدى تشبهنا، وتنطبق على شخصيتنا، حيث إنّ الاسم يلعب دوراً مهماً في حياة الإنسان، ويؤثر تأثيراً بالغاً على حالته النفسية، فهو يشكل الدعامة الأهم لهويته الذاتية، والركيزة الأساسية في تكوين شخصيته، وتعزيز ثقته بنفسه طوال حياته خاصة على صعيد علاقته مع الآخرين، ما يترك انطباعاً خاصاً لديهم لأنه يستخدم للتعريف عنه والتواصل معه.
عادات وتقاليد
يحرص معظم الشرقيين على تسمية أبنائهم بأسماء أجدادهم من باب الاحترام والود والإحسان وتعبيراً عن حبهم لهم، علماً أن أسماءهم قد تكون غير عصرية وعهدها قد انتهى منذ زمن، ومع ذلك يصرّ البعض على هذا التقليد، مبررين أنها من الأعراف والتقاليد ولابدّ من الاحتفاظ بها، ومن هذا المبدأ تبدلت مشاعر «سارة» بعد وضعها مولودها الأول، من الفرح إلى الامتعاض والنكد، بسبب فرض اسم لابنها من جده لا يناسب العصر، وما كان منها إلّا الاستسلام لهذا القرار، وتتابع: إنّ حق تسمية الطفل يعود لأمه وأبيه فقط، ومن غير أن يتدخل أهل الزوجين به، والبعض متمسك بهذه العادة كأنها فريضة، ولا يمكن بأي حال أن يخالف اتباعها، مضيفةً: لا مشكلة في أخذ مشورة الأهل والتوصل في النهاية لاسم جميل يرضي الجميع.
أما «عبدالله» فيرى أن الابن الأول إذا كان ذكراً لا بأس بتسميته على اسم جده، وهذا ما يحبذه أغلبية الأزواج وباقتناع زوجاتهم، وأنه سمّى ابنه باسم والده ولم يجبره أحد على ذلك، وأن زوجته أعجبت بالاسم وهو ما جعلهما يقرران التسمية به، وبرأيه أنها عادة جميلة مادامت لا تولد شجاراً بين الزوجين.
وأيّد «طارق» أن يسمي الزوج ابنه على اسم أبيه، مبيناً أنه من الصعب أن يعتاد الناس على مناداتك بلقب معين، ومن ثم تحاول تعديله أو التخلي عنه، والأغلبية تعتقد أن من لم يسمِ باسم والده لا مكانة له في نفسه، لكن في نظري التفكير بالتغيير بشيء يناسب جميع الأطراف قد يبعدنا عن كثير من المشاكل والخلافات والمنازعات العائلية.
دراسة
اكتشف باحثون في علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية، أنّ الاسم المرتبط بصفات سيئة يعطي تأثيراً سلبياً عن نفسية الشخص، تحديداً في مرحلة المراهقة، ويقلل من حصوله على فرص جيدة في الحياة، وحذر الباحثون الأهالي ودعوهم إلى التروي عند اختيار أسماء أبنائهم، مؤكدين أنها تؤثر في الثقة بالنفس وفي التعليم وإقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين في مراحل الحياة اللاحقة. . فالأشخاص الذين يحملون أسماء غريبة إلى حدِّ ما وغير مرغوبة اجتماعياً يكونون عرضة للسخرية والاستهزاء، ما يسبب لهم عقداً نفسية عديدة كالخجل والانطواء، ومن غير المستبعد أن تؤدي بهم إلى الاكتئاب الشديد.

اختصاصي في علم النفس: تأثير الاسم مرتبط بالمرحلة العمرية التي يمر بها الفرد

تأثير الاسم في صاحبه
للاسم تأثير نسبي يختلف من شخص إلى آخر، حسب ثقافته وبيئته المحيطة به، ومدى استعداده للتأثر بذلك، أي إن مستوى الحساسية ليس واحداً عند كل البشر، فقد يكون الاسم مقبولاً في بيئة معينة، لكنه مرفوض في بيئة أخرى، ويوضح الاختصاصي في علم النفس الدكتور محمود زعيتر أن لكل إنسان شخصيته الخاصة التي تميزه عن غيره، والتي تكتسب من المكوّن البيولوجي الوراثي والوظيفي، والمكوّن النفسي الاجتماعي، الذي يشمل خبرات جميع مراحل حياته، والاسم يغني شخصية الفرد بغض النظر عن تجاربه الحياتية، سواء كانت سعيدة أم مؤلمة، والإنسان هو من يقرر مصيره، ويرسم هدفاً لمستقبله ومسار حياته، واسمه لا يعطي مؤشراً سلبياً أو يسبب عقداً نفسية، مادام تكوينه البيولوجي والنفسي الاجتماعي سليماً وإيجابياً، ونجاحه يعتمد بالدرجة الأولى على المستوى الوظيفي النفسي والحركي الذي يكتسبه بالتعلم.
ونوّه زعيتر إلى أن تأثير الاسم مرتبط بالمرحلة العمرية التي يمر بها الفرد، حيث تكون ذات تأثير كبير في مرحلة الطفولة والمراهقة، لأن نظرته تكون سطحية للأمور، ولا تزال هي المسيطرة من ناحية تقييمهم للأشخاص، ومع التقدم بالعمر تتغير للأمور الأبعد من ذلك، وأن الإناث بطبيعتهن أكثر حساسية ويتأثرّن بمعنى الاسم أكثر من الذكور.
نظرة المجتمع والثقة بالنفس

تلعب الأسرة دوراً واضحاً من حيث الثقافة والتربية والمستوى الاجتماعي في إيجاد شخص متوازن يتحلّى بثقة عالية بالنفس، ولا يمكن لأي عامل أن يؤثر فيه بما في ذلك اسمه الذي يعد جزءاً لا يتجزأ منه، ويؤكد زعيتر أنّ الاسم يؤثر سلباً في أصحاب الشخصية الضعيفة، وتظهر عليهم علامات تدل على الخجل والشك والحساسية الزائدة تجاه الآخرين، وتتولد لديهم انطباعات بأنهم محط استهزاء وسخرية وتكون ردات فعلهم عدوانية، والمجتمع له دور فعّال في تقبّل الشخص لاسمه، لكن هناك ضعاف نفوس يستغلون هذه الثغرة، ويسببون عند الآخرين اضطراباً نفسياً، لذلك الدعم النفسي الاجتماعي له دور في إغناء الشخصية لكل فرد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار