اختصاصي في الصحة النفسية يصنّف الحالات التي أصابت الأطفال من جراء الزلزال ويقدّم مقترحات

تشرين – بشرى سمير:
عيون متسعة ونظرات هائمة، وحالة من الذهول أصابت الأطفال الناجين من الزلزال الذي ضرب سورية وتركيا خلال الأيام الماضية، وربما يظن من يراهم أنهم فرحون بالنجاة، لكن واقع الحال يبين حالة من الصدمة والذهول أصيب بها الأطفال، وهم في حالة ذعر شديدة مما أصابهم.
يشير الدكتور محمد الجاموس اختصاصي في علم النفس والمعالجة النفسية والعصبية، إلى تفاوت رد فعل الأطفال الناجين من الزلزال، منهم من كان صابراً رغم عدم إدراكه تماماً لما حصل، لكن هناك عدداً كبيراً من الأطفال الذين انتشلوا من تحت الأنقاض، بعد ساعات عديدة من الانتظار والخوف، وهم في حالة كانوا مذهولين وأعينهم متسعة، ورغم ألمهم لا يبكون، ويفسر الدكتور جاموس هذه الحالة بأنها الأعراض الأولى للصدمة النفسية، والتي تتمثل في اتساع بؤرة العين ووقوف شعر الرأس، ويكون الطفل صامتاً مذهولاً لا يتكلم، وما نراه ظاهراً على أطفال الزلزال الناجين يعبّر عن الصدمة النفسية التي تعرضوا لها في الأساس.
الصدمة النفسية
ولفت الدكتور جاموس إلى أن أعراض الصدمة النفسية تختلف من حدث إلى آخر، وحسبما مرّ فيه الطفل بالفعل خلال هذه الصدمة، كما يختلف بناء على شخصية كل طفل وبنيته النفسية التي تتبع للبيئة التي نشأ فيها والظروف التي مرّ فيها خلال وقوع الصدمة.
لذا نجد أن هناك أطفالاً تلقوا الصدمة بذهول وفقد للوعي، وأطفالاً تلقوا الصدمة من خلال الصمت والبكم، والتبلد الكامل من دون أي رد فعل، أما النوع الثالث فهم الأطفال ممن يصرخون ويبكون ويعبّرون عن آلامهم.
وعن التعامل مع الأطفال الذين تعرضوا إلى صدمات أشار الدكتور جاموس إلى أن لكل نوع من هذه الصدمات طريقة للتعامل معه، لكن جميعها يحتاج فيها الطفل إلى الدعم الفردي والجماعي وإتاحة الفرصة للتعبير عما حدث بشتى الطرق، من خلال الرسم أو الكتابة التعبيرية أو الحكي أو غيرها، مؤكداً أن الأطفال الذين كانوا في حضن آبائهم وقت حدوث الزلزال، كانت الصدمة عليهم أخف من الأطفال الذين فقدوا أهلهم.
إضافة إلى أن الأطفال الذين يتلقون الرعاية الأسرية في المنزل من ذويهم، يكونون أقدر على تلقي الصدمة وأكثر شجاعة، أما الأطفال أصحاب البنية النفسية الضعيفة، فهم يتلقون الأمر بفجع وذهول وعدم تحمل، لأن قدراتهم النفسية غير متينة لمواجهة الصدمة.
الابتسامة
أول شيء يجب منحه لمن يتم إنقاذه من الموت- سواء كان صغيراً أو كبيراً – هو التبسم في وجهه، فهي أولى خطوات الأمان ثم لفه ببطانية لأنه يخرج من تحت الأنقاض مرتجفاً مليئاً بالخوف، والشعور بالخوف يحتاج إلى الأمان والاحتضان.
نقدم له نظرات العطف الموزونة، التي فيها فرح لإنقاذ حياته والتعاطف الصامت، ومنح الطفل الأمان والدعم، بعيداً عن الأسئلة وكثرة الكلام، لأنه يكون غير قادر على الإجابة وغير مستوعب لما حدث معه.
بعد ذلك يتم نقله إلى مكان آمن، وتفقد أي جروح وأي ألم جسدي، ثم البدء في الاطمئنان عليه وطرح بعض عبارات المساندة مثل “الحمد لله على سلامتك”، “أنت موجود معنا الآن”، “نحن معك”.
التبول اللاإرادي
ولفت الدكتور جاموس إلى أن بعد الزلزال يعاني الأطفال من اضطرابات النوم، وضمن ذلك الكوابيس/ أو صعوبة النوم / أو البقاء نائماً، ردود فعل شائعة للصدمات من الزلازل، لذلك يجب مساعدة الطفل للنسيان، وتحفيزه على الرسم أو اللعب، وقد يسبب الخوف من الزلازل التبول اللاإرادي عند الأطفال، وهذا يحتاج إلى صبر حتى يطمئن الطفل، ويعود إلى حالته الطبيعية، وهناك حالات قد يعاني من صعوبة في الكلام أو القدرة على التعبير.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار