بوتين والعلم .. روسيا الرقم الصعب

ميشيل كلاغاصي

مؤخراً , بمناسبة يوم العلم الوطني , وفي خطابٍ رصين , أعلن الرئيس فلاديمير بوتين رسمياً أن روسيا استعادت مكانتها كقوة عالمية , وواحدة من أكثر القوى تأثيراً في العلاقات الدولية , وأنها أظهرت توافقاً كاملاً مع دورها التاريخي الذي لعبته على مر القرون , بما يتماشى مع متطلبات الإنتقال إلى النظام العالمي متعدد القطبية الجديد.

وأكد الرئيس بوتين في كلماته أن “العلم الوطني يرمز إلى إيماننا بقيمنا التي لن نتخلى عنها , في الحقيقة والعدالة والتضامن والرحمة واحترام تاريخ روسيا المستمر منذ قرون ، وإنجازات وانتصارات أسلافنا التي تلهمنا للدفاع عن وطننا الأم , ولا تسمح بأي هيمنةٍ أو إملاءاتٍ أجنبية ، وأصبحت الرغبة في العيش وفقاً لإرادتنا واختيار طريقنا جزءاً من الشيفرة الوراثية لشعبنا .. روسيا قوة عالمية قوية ومستقلة , وسنلتزم بالسياسات التي تلبي المصالح الحيوية لوطننا”.

لطالما كانت روسيا من بين أكثر الدول تجذراً وتأثيراً في المجتمع الدولي على مدى أكثر من ألف عام في التاريخ , على الرغم من بعض الاستثناءات القليلة , والمحن التي واجهتها نتيجة المحاولات الخارجية للتدخل في شؤونها الداخلية , التي فشلت في إحباط البلاد وإسقاطها عبر أزمنة الاضطرابات والغزوات الغربية واليابانية خلال الحرب الأهلية التي تمت صناعتها في الخارج ، إضافة إلى تفكك الاتحاد السوفيتي ، وكل ما حيك لاستهداف مكانة روسيا الدولية ، ومع ذلك لم تعرف سوى النهوض مجدداً والعودة للعب دورها التاريخي.

ومنذ عام 2000 , كان للرئيس بوتين والمؤسسات العسكرية والأمنية والدبلوماسية , دورٌ كبير في إعادة إحيائها كدولة وقوة عظمى وساهم بانطلاقتها الجديدة، على الرغم من عدم انكفاء المتربصين والأعداء ذاتهم .

وجاء قرار الرئيس بوتين ببدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا ليكون عاملاً حاسماً لتغيير قواعد اللعبة الدولية المعادية , وأظهر استعداد روسيا المسبق للرد والدفاع عن خطوط أمنها القومي الحمراء , في مواجهة عملاء ووكلاء “الناتو” الذين امتدوا وتغلغلوا في أوكرانيا , وقد أفشل القرار الروسي سيناريوهات الابتزاز الصاروخي والنووي الذي حاولت قوى الهيمنة الغربية بقيادة الولايات المتحدة ممارسته لحماية وإطالة أمد صمود النظام أحادي القطب الساقط لا محالة ، الأمر الذي ساعد في الحفاظ على توازن القوى في أوراسيا , وأثبت قوة وثبات وقدرة موسكو على مواجهة العقوبات الغربية , وانعكاس نتائجها وتداعياتها على واضعيها ومطبقيها وجميع المشاركين في المشروع المعادي لروسيا , وساهم ذلك بمنحها فرصة الإمساك بزمام الأمور من خلال فرض حصولها على ثمن الغاز الروسي بالروبل , وتعزيز مواجهة الدولار وهيمنته.

إن المواجهة مع الدولار , تعد أساسية للنيل من الهيمنة المالية الأمريكية , التي تعرضت لضررٍ كبير بات من الصعوبة بمكان ترميمه وإصلاحه بسهولة , لا بل سيساهم ذلك بتسريع انتقال النظام العالمي إلى التعددية القطبية , خصوصاً أنه شجع العديد من الدول على الحذو حذو روسيا على امتداد القارتين الاّسيوية والإفريقية وبعض الدول اللاتينية.

لقد لخص بوتين الرؤية الاستراتيجية الكبرى للقوة العظمى متعددة الأقطاب , عندما كشف النقاب في نهاية تموز الماضي عن بيانه الثوري العالمي ، الذي من شأنه أن يلهم بقية العالم لمواصلة العمل معاً على تفكيك الهيمنة الأمريكية ونظامها أحادي القطب.

لقد كانت روسيا وستبقى الرقم الدولي الصعب , القادر على لجم قوى الهيمنة والاستعمار والاستبداد , وأصبحت روسيا – بوتين عنواناً لردع النازيين والفاشيين والمتطرفين حول العالم , وأصحاب خرائط الحروب وتقسيم الدول وإضعافها وسحق شعوبها وسرقة ثرواتها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
المقداد: العدوان الإسرائيلي على غزة أسقط شعارات الغرب ومزاعمه وكشف نفاقه وافتقاره للقيم الإنسانية أعمال تنتيج مواد شهادة التعليم الأساسي لا تزال مستمرة والإعلان عن موعد إصدار النتائج قبل 48 ساعة 1200 فيلم وسيناريو تقدّم للمشاركة في مهرجان كوثر الدولي السينمائي في إيران "الزراعة" تناقش الخطة الزراعية المقبلة: وضع رقم إحصائي ومراجعة بروتوكول إنتاج بذار القمح والترقيم الإلكتروني لقطيع الثروة الحيوانية برنامج ماجستير تأهيل وتخصص في التنمية المجتمعية بالتعاون بين الجامعة الافتراضية السورية ومؤسسة التميز التنموية إطلاق أول اجتماع لشرح آليات تنفيذ دليل التنمية الريفية المتكاملة في طرطوس وزارة الداخلية تنفي ما يتم تداوله حول حدوث حالات خطف لأشخاص في محلة الميدان بدمشق على خلفية مشكلة خدمة دفع الفواتير عبر الشركة السورية للمدفوعات.. "العقاري": السبب تقطع في خطوط الاتصال وتم الحل المشهد الأميركي- الانتخابي والسياسي- يتخذ مساراً تصاعدياً بعد محاولة اغتيال ترامب.. لماذا إقحام إيران؟.. بايدن يُمهد لانسحاب تكتيكي ويلمح إلى هاريس كـ«رئيسة رائعة» أول تجربة روسية للتحكم بالمسيرات عبر الأقمار الصناعية