تفاؤل بإيجابيات الرسوم الجمركية الجديدة .. خبير اقتصادي: دعم الصناعة الوطنية لتكون تنافسية لا احتكارية

الحرية – نصار الجرف:

منذ أن صدرت نشرة الرسوم الجمركية الموحدة عبر المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية، سادت لدى كافة الشرائح في سورية من التجار والصناعيين و المستهلكين حالة من الشكوك حول صوابية هذا القرار وفوائده الاقتصادية في هذا الوقت بالذات، وتفاوتت الانطباعات ما بين داعم لهذا القرار، و متحفظ عليه إلى حين.

حيث ارتفعت، وعلى الفور إثر تنفيذ الرسوم الجديدة، أسعار الكثير من المواد، وبدأ الاحتكار في العديد من المتاجر في معظم المحافظات السورية، وأولها محافظة إدلب، المصدر الرئيسي حالياً لدخول البضائع من تركيا وتوزيعها إلى المحافظات الأخرى، وأهم المواد التي ارتفع سعرها وقل توزيعها في الأسواق  المواد الغذائية، المطلب الأساسي للمواطن، بعد أن تنفس الناس الصعداء ونالوا جزءاً من الارتياح نتيجة تواجدها بكثرة وبأسعار رخيصة في الأسواق في الفترة الماضية، في حين تؤكد المصادر الرسمية أهمية هذا القرار وانعكاسه على الاقتصاد إيجاباً، حيث يراعي حماية المنتج المحلي وتشجيع الصناعة الوطنية وتخفيف أسعار المواد الأولية الداخلة في الصناعة، وجذب الاستثمارات وغيرها،ما يساعد على تحسين مستوى معيشة المواطن.

ويرى الخبير الاقتصادي والمصرفي والمدرس في الجامعة الوطنية الخاصة بحماة، الدكتور ابراهيم  نافع قوشجي، في تعليقه على القرار ، لصحيفة “الحرية”، أن نقاشا كبيراً يدور حالياً حول الرسوم الجمركية التي صدرت حديثاً وكان هدفه توحيد الرسوم الجمركية في جميع المعابر الحدودية.

ولفت إلى أن الرسوم الجمركية هي ضرائب تفرضها الحكومة على السلع المستوردة (وأحياناً على السلع المصدرة) عند دخولها أو خروجها من البلاد. وهي أداة من أدوات السياسة المالية، وتهدف هذه الرسوم في الدول المتطورة إلى زيادة الإيرادات الوطنية، وحماية الصناعات المحلية، وتحقيق التوازن في التجارة الدولية.

أما الاقتصاد السوري اليوم، فإنه يواجه تحديات كبيرة بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ النظام البائد، ومنها: نقص في العملة الوطنية، ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الإنفاق العام، زيادة معدلات الفقر بشكل كبير جداً، ارتفاع معدل التضخم وتدني سعر الصرف، كما تعاني البنية التحتية من دمار كبير، إضافة إلى ذلك يعاني القطاع الاقتصادي من تراجع الاستثمار وتراجع النمو. وكذلك القطاع الخاص الصناعي يواجه تحديات كبيرة من تقادم الآلات ووسائل الإنتاج وحاجته الكبيرة لتطوير وسائل عمله الإنتاجية والإدارية واستخدام التكنولوجيا المتقدمة ليستطيع إنتاج سلعة منافسة ضمن الاقتصاد السوري الحر.

ويضيف: نعم لا ننكر دور الرسوم الجمركية في زيادة الإيرادات الوطنية، ما يمكن أن يساعد في تمويل الخدمات العامة للدولة، لكنني كنت أرجو أن تجمد الرسوم الجمركية أو أن تُخفض بنسبة أكبر مما خفضت، لمساعدة الاستثمارات الجديدة من استيراد الآلات وأدوات الإنتاج والأدوات الطبية وغيرها الكثير مما يحتاج إليه الاقتصاد السوري ليدخل مرحلة التعافي، وكذلك استيراد السلع الغذائية والدوائية الضرورية لتعزيز المنافسة مع الصناعات المحلية التي يمكن وصفها بأنها رديئة الصنع  وغالية الثمن.

فبعد يوم واحد من تنفيذ الرسوم  الجمركية الجديدة  في سورية ارتفعت أسعار السلع بنسبة أعلى من الرسوم الجمركية، وهي كانت في المخازن ولم تستورد اليوم، وهذا سوف يزيد الضغط على  العملة الوطنية ويؤثر سلباً على  القدرة الشرائية للمواطنين، ما يزيد من الأعباء المالية عليهم ويؤثر على مستوى معيشتهم.

وعن الحلول المقترحة، يرى الباحث قوشجي، أنه من الضروري التفكير في تجميد الرسوم الجمركية أو تخفيضها بشكل أكبر لمساعدة الاستثمارات الجديدة في استيراد الآلات وأدوات الإنتاج والأدوات الطبية وغيرها مما يحتاجه الاقتصاد السوري لدخول مرحلة التعافي. بالإضافة إلى ذلك، يجب تشجيع استيراد السلع الغذائية والدوائية الضرورية لتعزيز المنافسة مع الصناعات المحلية التي يمكن وصفها بضعف الجودة وارتفاع التكلفة، وعندما يحقق الاقتصاد السوري معدلات نمو ويحقق نشاطاً،  يمكن إعادة صياغة الرسوم الجمركية بما يعزز هذا النشاط ويحمي مقدرات الاقتصاد السوري.

وحسب قوشجي، قد يقول أحدهم بضرورة حماية الصناعة الوطنية، ولكن يجب أن تتم الحماية بطرق حديثة، تجعلها تنافسية وغير احتكارية. فأغلب الصناعات في سورية هي صناعات تعبئة وتغليف تستورد المواد الأساسية من الخارج. لذلك على الحكومة التي تبنت الاقتصاد الحر أن تعمل على إعفاءات جمركية لتسهيل إعادة هيكلة الاقتصاد وجذب الاستثمارات الجديدة، كما يجب على الحكومة  تعزيز دورها في حماية حرية الأسواق التي تهدف إلى حماية المستهلكين بدلاً من حماية صناعات ريعية لا تستطيع المنافسة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار