فرصة ذهبية لوضع إستراتيجية شاملة لإعادة الإعمار.. خبير عقاري: سيصبح السكن حقاً مشروعاً وليس مجرد حلم للمواطن !

الحرية- هناء غانم:

كانت ولا تزال أزمة السكن حاضرة لكل مواطن بلا منازع، ولغزاً غامضاً يحتاج تفسيراً، والضحية دائماً المواطن الذي يترقب متى سيصبح السكن حقاً مشروعاً وليس مجرد حلم، فبين التفاؤل والتشاؤم.. نجد أن مشكلة السكن من المشكلات المتفاقمة، في وقت تشهد فيه أسعار العقارات ارتفاعاً خيالياً، ولا نبالغ إذا قلنا جنونياً، فقطاع العقارات كان ولا يزال يؤثر في مجمل حركة الاقتصاد وما آل إليه حال هذا القطاع ما هو إلا نتيجة لاقتصاد غير منضبط بسبب الحرب، وفق ما أكده لصحيفة الحرية  الخبير والمطور العقاري الدكتور حيان البرازي موضحاً أن مشكلة السكن في سوريا ستبقى حلماً للموطن ما لم يتم تحسين الرواتب والأجور لأن العقارات تصنف إلى قسمين: عقارات ضمن المدن وهي عقارات مساحات صغيرة تشكل الأرض القيمة الأكبر  من التكلفة (حوالى 65% ثمن الأرض، و  35% للبناء)، لذلك نجد أن  مقدار انخفاض التكلفة في العقارات ضمن المدن بين المناطق الشعبية والمناطق الراقية  لا يوجد فيه فرق في نسبة التكلفة، حيث تبقى النسبة ذاتها بين تكلفة البناء وسعر الأرض، لأن مستوى البناء والإكساء في المناطق الشعبية يكون  منخفضاً، وبالتالي تبقى النسبة ثابتة تقريباً، وكذلك في المناطق الراقية تبقى النسبة ذاتها لأنه _ من وجهة نظره _ صحيح أن سعر الأرض مرتفع إلا أن مستوى البناء العام أيضا مرتفع  ونوع الخامات والديكورات الداخلية والخارجية وغيرها تكون مرتفعة لذلك تبقى النسبة ذاتها بين سعر الأرض وتكاليف البناء، لافتاً إلى أنه بحسبة بسيطة نجد أن مقدار الانخفاض في أسعار العقارات لا يتجاوز حالياً سوى 7% كحد أقصى لأن  تكاليف البناء ثابتة على أسعار الدولار ..

الفساد والهدر
وأفاد البرازي بأن تحسن القدرة الشرائية عند المستهلك وارتفاع مستوى الدخل لحوالي 600 دولار بالتأكيد سوف يساهم في دخول المواطن صاحب الدخل  إلى السوق العقارية باعتباره يمكن المواطن من ادخار جزء من راتبه، على سبيل المثال: حوالي مليون ونصف المليون تدفع على شكل أقساط لمدة تصل إلى 15 سنة تقريباً للحصول على المسكن أما في حال بقي الراتب من 500 ألف ليرة إلى مليون ليرة، سيحتاج إلى أكثر من 100 سنة لامتلاك سكن..

توجيه الاستثمارات نحو مشاريع السكن  الاجتماعي..

وأشار إلى أن الوضع الاقتصادي المتدهور لجهة الخزينة العامة_ التي هي فارغة بسبب الفساد والهدر _ في عهد النظام السابق، أضعف قدرة الدولة على تمويل مشاريع البنية التحتية الأساسية، والتضخم الاقتصادي وانخفاض القدرة الشرائية يحدان من الطلب الفعّال على العقارات، والأهم أن التشريعات العقارية القديمة والقوانين الحالية وُضعت قبل أكثر من 50 عاماً، وهي جامدة وغير مرنة، مما يعوق جذب الاستثمارات المحلية والدولية ويؤخر عمليات الإعمار، ناهيك بتدمير البنية التحتية من شبكات الطرق والكهرباء والمياه، ما يزيد من تكاليف المشاريع العقارية ويُضعف من جاذبية السوق للمستثمرين.
كذلك ضعف التمويل فالبنوك حالياً تعاني من شح السيولة، ولا توجد آليات تمويل بديلة مفعّلة مثل الصناديق العقارية أو التمويل التشاركي. و الاختلال السكاني أيضاً الذي له دور في تركز الكثافة السكانية في المدن الكبرى نتيجة النزوح الداخلي الذي أحدث اختلالاً في العرض والطلب على العقارات بين المناطق الحضرية والريفية.
لافتاً إلى أنه وبالرغم من تنامي الثقة بالحكومة الجديدة، إلا أن ضعف الكفاءة الإدارية لبعض الكوادر قد يبطئ تنفيذ الخطط الطموحة. لذلك لا بد من العمل على تعديل التشريعات الحالية لتسهيل عمليات تسجيل الأراضي والتراخيص، وضمان حقوق المستثمرين ووضع قوانين تحفز الاستثمار، مثل الإعفاءات الضريبية وتقليل البيروقراطية..

صناديق استثمارية عقارية
إضافة إلى تخصيص موارد لإعادة تأهيل الطرق وشبكات المياه والكهرباء، مع التركيز على المناطق ذات الأولوية، ولا بد أن يتزامن هذا مع إطلاق شراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل مشاريع البنية التحتية، مع تقديم برامج تحفيزية للسوريين العائدين من الخارج، تتضمن منحاً استثمارية، وتسهيلات في تملك الأراضي أو العقارات، والعمل على إنشاء صناديق استثمارية عقارية تعمل على جذب رؤوس الأموال من الداخل والخارج، وتفعيل نظام التمويل العقاري التشاركي لتخفيف الأعباء على المستثمرين.
وأضاف الخبير: لا بد من وضع خطط لتطوير المناطق الصناعية والتجارية خارج المدن، مؤكداً أن ذلك يتطلب من المعنيبن تعزيز الحوكمة والشفافية في إدارة المشاريع العقارية لضمان بناء الثقة بين القيادة الجديدة والمجتمع المحلي، وإعداد خارطة طريق إستراتيجية شاملة لإعادة الإعمار، مع إشراك مختصين اقتصاديين وعمرانيين في وضع الخطط، مع التركيز على بناء مشاريع بنية تحتية صغيرة ومستدامة، بدلاً من المشاريع الضخمة التي تحتاج إلى تمويلات هائلة.

إضافة إلى توجيه الاستثمارات نحو مشاريع السكن الاجتماعي لتلبية الاحتياجات الملحة للسكان العائدين.. معتبراً أن عودة المغتربين للسوق العقارية وثقتهم بالحكومة الجديدة تمثل فرصة ذهبية لتحفيز عجلة الإعمار، شريطة استثمار هذه الثقة بطريقة تضمن تحقيق استدامة اقتصادية واجتماعية، لأن قطاع العقارات يعد قاطرة التحرك الاقتصادي..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار