انخفاض واضح في الأسعار مع تحسن سعر الصرف.. وكثرة العرض أوجدت منافسة لمصلحة المستهلك
الحرية – زهير المحمد:
تحسن كبير وملحوظ في سعر صرف الليرة السورية خاصة بعد تولي القيادة الجديدة مسؤولياتها في الثامن من الشهر الماضي وبعد سقوط النظام البائد وفرار المجرم بشار الأسد.
وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية التي تعيشها الدول في مثل هذه الفترات الانتقالية وتزعزع الثقة، وعدم وضوح الرؤيا في الكثير من الحالات الا أن الإجراءات وقرارات القيادة الجديدة للبلاد قد وضعت الأمور في نصابها وأعطت الجميع جرعات أمل كبيرة في تحسين كل الظروف التي كان يعاني منها المواطن السوري وخاصة في أحواله المعيشية وحالة الغلاء التي أرهقت جيوبه وجعلت الكثير من المواد الغذائية الأساسية تغادر مائدته.
السكر هو الأرخص
وفي جولة ميدانية لمراسل صحيفة الحرية بدمشق على عدد من أسواق العاصمة، قال تاجر الجملة نزيه العلي: إن كيلو غرام السكر قد انخفض من ٢٥ ألف ليرة “ليلة سقوط النظام” الى ٨ آلاف ليرة، وسعر الرز أيضاً من ٢٠ ألف ليرة الى ١١ ألف ليرة للرز المصري الممتاز، واللبن ومشتقاته أنخفضت أسعاره بنسبة تتراوح بين ٢٠ الى ٤٠ %، اذ سجل كيلو الحليب ٦ آلاف واللبنة ٨ آلاف والجبنة بين ٢٥ إلى ٣٥ ألف ليرة حسب النوعية، وعبوة زيت القلي ٥ ليترات انخفضت من ١٣٥ ألفاً الى ٧٠ ألف ليرة، ولا يمكن استثناء اللبن والشاي والعديد من السلع الأخرى.
التجار وسعر الصرف
فيما أشار المواطن سليم في حديثه لصحيفة الحرية إلى أن بعض التجار لا يخفضون الأسعار بما يتناسب مع تحسن صرف الليرة بحجة أن سعر الصرف لم يستقر بعد وبعضهم يتذرع بأنهم اشتروا موادهم قبل تحسن سعر الصرف، ويدعون بأنهم يحاولون التوازن بين السعر المفترض والسعر السابق لكنهم لا ينكرون بأنهم لا يستطيعون مجاراة التحسن اليومي لسعر الصرف.
في حين أشارت السيدة أم أحمد إلى أن مصروف أسرتها المكونة من ٥ أشخاص قد انخفض من حوالي ٥ ملايين ليرة قبل شهرين إلى ٣ ملايين ونصف المليون ليرة في الشهر المنصرم، على خلفية انخفاض سعر بيض المائدة الى أكثر من النصف، و كيلو البطاطا من ١٢ ألفاً إلى ٥ آلاف ليرة، مضيفة: والمادة الوحيدة التي ارتفعت هي البندورة الأردنية أو البلاستيكية حيث تراوح سعر الكيلو بين ٧ إلى ١١ ألف ليرة، وانخفضت أسعار الحشائش ” نعنع، بقدونس، سبانخ…” من ألفي ليرة للربطة الواحدة إلى ألف ليرة، وكذلك التفاح والموز..
وقال المواطن أبو خالد الحسون: إنه وعلى الرغم من الانخفاض الملحوظ في أسعار جميع المواد الاستهلاكية والخضار والفواكه والزيوت والسمون إلا أنه يشعر بالعجز عن تفكيره بشراء كل مايحتاجه لأن راتبه التقاعدي لايزيد على ٣٥٠ ألف ليرة، وأن هذا المبلغ لايكفي لشراء حاجات المنزل لثلاثة أيام، وأنه قد استنفد كل ما كان لديه من مدخرات ويشعر أنه كمن “يسوق سيارة على الجنط”.
الحاجة إلى رقابة الأسواق
أما المواطن إبراهيم حسن فقد أكد أن الأسواق بحاجة إلى المزيد من الرقابة لأن هنالك فروقاً كبيرة بين بائع وآخر لذلك فهو مضطر للقيام بجولة طويلة على المحلات والسؤال عن أسعار كل مادة تريد شرائها حتى تظفر ببائع يبيع بأسعار معتدلة، وقد يكون الفرق في سعر الكيلو ومن المادة نفسها بين ألفين وثلاثة آلاف ليرة وهذا ينطبق أيضاً على الخضار والفواكه.
نفتش عن الأرخص
وقال المواطن عبد الرحمن: إن قلة السيولة لدينا وكما لدى الكثير من الأسر التي تعيش أوضاعاً صعبة كأوضاعنا تجعلنا نفتش عن الأسعار الأرخص لأن “اليد قصيرة والعين بصيرة”.
تأثير الظروف
الخبير الاقتصادي والاجتماعي أحمد محمود أوضح لصحيفة الحرية أننا نعيش أوضاعاً انتقالية تركت بصماتها على تفكيرنا وعلى طرائق استهلاكنا وتعاملنا وتعامل الآخرين معنا، وأنه من الصعب الآن أن تستقر الأسعار والأسواق، وعلى المستهلكين أن يبذلوا جهوداً كبيرة للإفادة من فروقات الأسعار بين بائع وآخر، وأن زيادة المعروضات وقلة الطلب قد تساعد المستهلكين على شراء احتياجاتهم بأسعار مقبولة على الرغم من الهوة الكبيرة التي اتسعت بعهد النظام البائد بما لايتوافق مع الأوضاع المعيشية لدى شرائح واسعة من المجتمع لأنه ووفق تصنيف المنظمات الدولية المختصة فإن ٩٠ بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.
مضيفاً: كما لابد من الإشارة إلى أن الكثير من الأسعار في فصل الشتاء يرتفع تلقائياً بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج خاصة السلع التي يحتاج إنتاجها إلى المشتقات النفطية للري أو التدفئة، مع توقع أن تنخفض جميع أسعار المشتقات النفطية والأعلاف والأسمدة التي يرتبط سعرها بسعر الصرف، كما تسهم الظروف الأمنية وتحرك عجلة الإنتاج في إشاعة نوع من الثقة والتخلص من القلق.
آمال كبيرة
وتابع محمود لابد من الإشارة إلى أن الكثير من المواطنين باتوا يعيشون على أمل زيادة الأجور والمعاشات استناداً إلى تصريحات المعنيين في الحكومة الانتقالية التي تؤكد أن المرتبات سوف تتضاعف بنسبة تصل إلى ٤٠٠ بالمئة ويأمل الجميع في أن تتم معالجة أوضاع كل من يتم استبعاده من الوظائف، وأن تتم دراسة أوضاع الجميع بدقة وموضوعية وإنصاف دون أي تساهل في قمع كل التجاوزات والمحسوبيات، وإيجاد نوع من التوازن بين المسؤولية الأبوية للدولة وبين حالة التسيب وإهدار المال العام الذي لايقبل به أحد، والذي استشرى بعهد النظام السابق، حيث انتشر الفساد بكل أنواعه، كما فرضت الأتاوات والضرائب ووضعت قوانين وتعليمات ساعدت على نهب البلد وتجويع الشرائح الأوسع من المجتمع السوري.