٦٠% من وارداتنا المطرية السنوية تذهب هدراً.. وبيع الأسمدة بالدَين الآجل أنعش المزارعين
الحرية – محمد فرحة:
يواجه العالم اليوم وفي السنوات المقبلة موقفاً لم يسبق له مواجهته، ذلك المتعلق بالواقع المائي من خلال الانحباس الحراري والمتغيرات المناخية التي عصفت وتعصف بمستقبل الأمن الغذائي في كل دول العالم ، ونحن جزء منه.
فمن المعروف أن انحباس الأمطار وعدم استغلال الواردات منها من خلال إقامة المزيد من السدود والسدات المائية بهدف الحصاد المائي، ما زالت دون المستوى المطلوب ، وهذا ماسيؤثر سلباً على أهم قطاع اقتصادي وهو القطاع الزراعي الاقتصادي، في الوقت الذي سعت فيه وتسعى كل حكومات العالم لاستصلاح المزيد من الأراضي بهدف زيادة الرقعة الزراعية و إدخالها في دائرة الإنتاج تحصيناً لأمنها الغذائي وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي.
فكل المعلومات تشي بأننا لم نستفد نحن هنا في سورية طيلة العقود الثلاثة الماضية من الوسائل التي كانت متاحة، وخاصة تلك المتعلقة بتخزين مياه السيول التي كانت تغمر الأراضي الزراعية (أراضي سهل الغاب مثال). ولم نقم بإنجاز محطات تحلية المياه أو لم نستفد من محطات الصرف الصحي لاستخدام مياهها بعد التنقية والمعالجة في سقاية المحاصيل الزراعية ولو في حدودها الدنيا ، رغم أن من يمتلك المياه يمتلك سلامة أمنه الغذائي ، فلم تعر الحكومات الماضية أي اهتمام ذي شأن في العمل على تعزيز الحصاد المائي وتأهيل السدود التي تعاني من أمور فنية سيئة.
فخير ما فعلت الحكومة الحالية المؤقتة وهي لفتة ذكية تحسب لها حين أقرت ببيع الأسمدة والبذار بالدين الآجل لحين جني محصول القمح الصيف القادم، وهي خطوة أنعشت آمال المزارعين وحفزتهم كثيراً وفقاً ما أكده عدد من المزارعين في الجمعيات الفلاحية لـ(الحرية).
إننا اليوم وجهاً لوجه أمام السؤال الملح : هل سنوفر المياه اللازمة دائماً لإنعاش وسقاية محاصيلنا الزراعية، وذلك من خلال العمل على العديد من الجبهات و تفعيل دور الحصاد المائي الذي يذهب منه سنوياً ٦٠% هدراً إلى البحر أو بعملية غمر الأراضي الزراعية كما يحدث في سهل الغاب؟
في قراءتنا الأولية لعمل الحكومة المؤقتة، نلاحظ أنها وضعت نصب عينيها التركيز على إنعاش القطاع الزراعي وتحفيز المزارعين الذين يعشقون الأرض ويصادقونها، وهم الذين كادوا يهجرونها بل هجرها العديد منهم من جراء الصعوبات والعراقيل التي كانت تضعها الحكومات البائدة، فإذا كان أول الغيث بيع الأسمدة وبذار القمح بالدين الآجل وبلا فائدة، فالمزارعون ينتظرون الكثير.
مدير الموارد المائية بحماة الدكتور مطيع عبشي أوضح في أتصال هاتفي معه أن حصادنا المائي لم يكن جيداً، وأن مجموع الكمية الموجودة حالياً في سد الرستن لا يتعدى الـ ٤٩ مليون متر مكعب، وهو أقل بكثير من كل السنوات الماضية.
وتطرق الدكتور عبشي إلى أن هذا العام لم يشهد هاطلاً مطرياً يبشر كما كل السنوات الماضية، لكننا ما زلنا في مطلع الموسم الشتوي.
بالمختصر المفيد: نأمل أن يحفز بيع الأسمدة وبذار القمح بالدين الآجل المزارعين لتنفيذ الخطة الزراعية وتتعدى الأرقام المحددة، وهذا ما سمعناه من المزارعين.