نحتاج إلى ثلاثة أشهر لتتراجع معدلات التضخم..خبير اقتصادي يكشف أفق الاقتصاد السوري

الحرية – حسام قره باش

مما لا شك فيه أن الإدارة الجديدة أحدثت انقلاباً اقتصادياً جريئاً أنعش الأسواق وخفَّض الأسعار وكسر قيود العزلة والاحتكار التي كان يفرضها النظام البائد على المواطن ومعيشته مع تجاوز معدلات التضخم لأكثر من 300٪، واليوم بعد هذه الانفراجة الاقتصادية ننتظر تراجع مؤشرات التضخم لأدنى مستوى كي ينتعش الواقع الاقتصادي برمته وينعكس إيجاباً على القدرة الشرائية للمواطن لتأمين متطلباته الأساسية.

المواطن.. البوصلة

في ضوء ذلك، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور علي المحمد في حديثه ل”الحرية” أن انخفاض معدل التضخم لا ينخفض خلال الأيام بل يحتاج لفترة ثلاثة أشهر أقل شيء كي نشعر بتراجعه، رغم أن بعض الأسعار انخفضت، وحتى نحسب معدل التضخم بدقة المبني على سلة غذائية معينة يجب الانتظار فترة محددة لقياس العوامل التي تؤثر في التضخم كسعر الصرف الذي هبط إلى 9 آلاف وحالياً 13 ألف وهذا حتماً ينعكس على الأسعار، إضافة لطرح بضائع أجنبية كثيرة في الأسواق بأسعار أقل من المحلية كون تكلفتها ببلدها أقل كالبضائع التركية مثلاً.

وتابع: لدينا تضخم في تكلفة المنتج بالأصل وكنا في وضع اقتصادي مزرٍ من كل النواحي سواء في ارتفاع تكاليف المواد الداخلة بالإنتاج وعوامل الإنتاج مقابل سلع خارجية أرخص، وما يهمنا كمواطنين هو انخفاض الأسعار وهذا ما يحصل حالياً باعتبار المواطن هو البوصلة في شراء السلع بأسعار أقل من السابق، معتبراً أن ذلك ليس مقياساً لنحكم بتراجع معدل التضخم إجمالاً بعد أن تجاوز 250٪ العام الفائت بأحد تقارير المصرف المركزي والحقيقة أكثر من ذلك بكثير، وعليه لا يمكننا الاستناد إلى تلك الاحصائيات كوننا نعاني أساساً من مشكلة الأرقام في سورية لتفاوتها مع الواقع، متمنياً من الإدارة الاقتصادية الجديدة إيلاء الاهتمام بالأرقام بكل تفاصيلها حتى لا نبقى في العدم كما كنا في النظام السابق.

اقتصاد السوق الحر .. تدريجياً

ويشير محمد إلى أن اقتصاد السوق الحر تجاربه جيدة بكل الدول لكن يجب أن يسير بالتدريج كي ندخل هذا الاقتصاد لأن عوامل إنتاجنا والقاعدة الإنتاجية عندنا ضعيفة وهذه مشكلة كبيرة لن تزول إلا بالتنافسية والإنتاج ونحن أصلاً إنتاجنا بالحد الأدنى يقارب 800 مليون دولار لأغلب صادراتنا خلال السنوات الماضية، وهذا عملياً لا يعد شيئاً وبالتالي يفترض أن نركز على تعزيز الإنتاج ليصبح عندنا استهلاك لإنتاجنا وليس فقط الاستيراد رغم أهميته لتلبية حاجة السوق المحلية إنما لمرحلة مؤقتة كي نصل إلى مرحلة التصدير واقتصار الاستيراد على الأساسيات فقط، وبذلك نستمر بتراجع معدل التضخم علماً أن الوضع بعد شهرين سيكون أفضل مع قدوم البواخر التركية والقطرية لتوليد 800 ميغاوات كهرباء مما سيحل مشكلة الكهرباء للصناعيين والمواطنين والمشروعات الصغيرة، إضافة إلى حل مشكلة سعر الصرف الذي بدأ بالتحسن بعد سقوط النظام، مضيفاً بأن ضخ الدولار وأعياد الميلاد ورأس السنة لعبا دوراً في انخفاض الأسعار مع قدوم 84 مليون دولار في أسبوع، وكل هذا سيتضافر مع بعضه ويحسن سعر الصرف الذي إذا استمر محافظاً على ذلك فسنلمس أول نيسان القادم تحسناً ملموساً مقارنة بالوضع الراهن.

سعر صرف مثالي

ووفقاً لمحمد لا يستطيع أحد حالياً تقدير سعر صرف مثالي ينعكس إيجاباً كاملاً على البلد لأن سعر الصرف حين كان 15 ألف ليرة وبحسابات دقيقة وملاحظة الميزان التجاري والمدفوعات قد يكون السعر الحقيقي يتراوح ما بين 22 إلى 26 ألف ليرة قياساً للسياسة التي كانت متبعة من حبس النقد وتجريم التعامل بالدولار والمرسومين 3 و 4، كلها كانت تحافظ على هذا السعر للمدى القصير إنما يضر كثيراً بالإنتاج والعملية الاقتصادية لأن سعر الصرف دائماً يحدده السوق تبعاً للعرض والطلب.

مظهر نقدي غير حضاري

إن انتشار صرف الدولار في المحلات والبسطات في الشوارع ليس بمظهر حضاري نقدي،  رغم أنه لا يسيئ لسعر الصرف كما يذكر محمد كون النقد حساس جداً يتعلق بهيبة الدولة ولا يجوز أن يكون بهذا الشكل.

وقال: بنفس الوقت لست مع جلد الذات خاصة أن سقوط النظام جرى من شهر فقط وهناك تسارع بالأحداث وهذه ظاهرة مستقطعة ستضبط كون الأولوية للإدارة الجديدة الآن بسط الأمن والعدالة.

ثلاث عملات

من المعلوم أن أي عملة يتعامل بها خارج حدودها تستفيد ويزيد الطلب عليها إنما إلى أين ستذهب إدارة السلطة النقدية فيما بعد بما يخص العملة الأساسية في ظل تداول الدولار والليرة التركية وهل ستؤثر على العملة الوطنية أم لا ؟

بهذا الخصوص، يوضح محمد أن التعامل الغالب ما يزال بالليرة السورية ولم نتأثر سلباً بذلك بل على العكس تأثرنا إيجابياً حتى اللحظة ولا يمكن تحسين سعر صرف عملتنا المحلية إلا بزيادة مقومات تحسينه عبر الإنتاج الكامل وصولاً إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي الذي ما يزال هزيلاً بحدود 3 إلى 9 مليارات دولار بعد أن كان 60 مليار

دولار في 2011، وحين زيادة الإنتاج والتطوير لكافة المرافق الحيوية ببلدنا وزيادة التصدير حتماً سيتحسن سعر الصرف ويزيد الناتج المحلي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار