المقاومة اللبنانية تقلب معادلة العدوان الجوي الإسرائيلي بصاروخ واحد أصاب قلب الكيان.. نتنياهو والعملية البرية ‏كخيار إجباري لدفع أميركا نحو الميدان

تشرين- مها سلطان:‏
حتى الآن، وفي ثالث أيام العدوان الإسرائيلي الجوي على لبنان.. حتى الآن يمكن القول إن ‏مسار الميدان ما زال ‏مضبوطاً على مبدأ «معادلة الضربات» وإن كانت وسائل الإعلام ‏الأميركية والإسرائيلية تسعى إلى تصوير المقاومة ‏اللبنانية/حزب الله، على أنها وحيدة في ‏الميدان، في حرب نفسية تستهدف الحاضنة الشعبية للمقاومة (في لبنان والإقليم) ‏ليأتي الرد في ‏كل مرة أقوى من سابقه.. وصباح اليوم الأربعاء كان الرد الأقوى والأبلغ بصاروخ أصاب ‏قلب الكيان ‏الإسرائيلي ومركز إجرامه، مقر «الموساد» وسط تل أبيب (أو ما يسمى إسرائيلياً تل ‏أبيب الكبرى).. إضافة إلى ‏عشرات الصواريخ الأخرى التي دكت عدة قواعد عسكرية له.‏
وللذين ينتظرون حرباً بالمعنى التقليدي، أي حرب موسعة، فإن هذه الحرب لن تقع، وليس ‏بالضرورة أن يكون الحسم ‏بحاجة إلى حرب موسعة، فالمقاومة اللبنانية باعتراف العدو نفسه ما ‏زالت تمتلك القوة الكافية، وهي حتى الآن لا ‏تحتاج إلى «دخول دول» في ميدان المواجهة مع ‏الكيان (وأميركا من خلفه).. ما زالت المقاومة لم تخسر شبراً واحداً ‏من ميدانها، والعدوان ‏الجوي لن يحقق للكيان هدف (تغيير الوضع الأمني في الشمال/وفق تعهد نتنياهو)، وتالياً فهو ‌‏مجبر على العملية البرية، وعندما تبدأ العملية البرية (وهي على وشك البدء وفق هيئة البث ‏الإسرائيلية) قد يكون ‏لمسار الحسم حديث آخر، وقد يكون لحديث الحرب الموسعة ما يستدعيه ‏واقعياً.‏

صاروخ حزب الله الذي دكّ مقر «الموساد» أثبت أن كل ما اقترفه الكيان من عمليات تفجير ‏واغتيالات لم يؤثر في ‏قدرات المقاومة ولا معنوياتها ‏

‏صاروخ دكّ قلب «الموساد»‏
ويبدو أن صاروخ المقاومة اللبنانية الذي دكّ مقر «الموساد» أجبر رئيس حكومة الكيان ‏الإسرائيلي على إلغاء سفره ‏إلى نيويورك الذي كان مقرراً اليوم لحضور اجتماعات الجمعية ‏العامة للأمم المتحدة، وإلقاء خطاب من على منبرها، ‏وهذا خبر جيد ليس لنا في المنطقة فقط، بل ‏للعالم الذي لن يكون مضطراً لسماع أكاذيبه فيما هو يشاهد على مدار ‏الساعة وحشية عدوانه ‏على لبنان (وغزة أيضاً).‏
ويبدو أن هذا الصاروخ سيسرع من مسألة اتخاذ الكيان قرار العملية البرية، مع إدراك أن كل ‏ما فعله خلال أسبوعين ‏ماضيين من عمليات التفجير والاغتيال وصولاً إلى العدوان الجوي لم ‏يغير من معادلات الميدان ولم يحجّم من قوة ‏حزب الله.. وبالتالي فإن الكيان يحتاج إلى هذه العملية ‏البرية، ويحتاج أكثر إلى أن تكون ناجحة، وهنا أساس المسألة، ‏فالكيان غير واثق كلياً بنجاحه فيها، بل هو متأكد من فشله فيها، ومع ذلك سيقدم عليها، لأنها ستكون فرصته الأخيرة ‌‏لجرّ الولايات المتحدة إلى الميدان لمنع هزيمة كاملة للكيان وبما ينسحب عليها، لذلك هناك ‏شبه اتفاق على أن هذه ‏العملية البرية ستكون نقطة جذرية فاصلة في سياق ما تشهده عموم ‏المنطقة من تطورات منذ نحو عام تحديداً.‏

لن تكون هناك حرب موسعة بالمعنى الذي نعرفه والمقاومة لا تحتاج إلى «دخول دول» ‏لتعزيز قدرتها وهي لم ‏تخسر شبراً واحداً من ميدان المواجه

وحسب وسائل إعلام إسرائيلية فإن جيش الكيان يستعد لتوسيع الحملة ضد لبنان، معتبرة أن ‏إطلاق صاروخ باليستي ‏هذا الصباح على «تل أبيب» يزيد احتمالات تنفيذ العملية البرية.‏
وأفاد موقع «واللا» بأن القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي تواصل تدريب القوات البرية، وقد ‏أجريت مؤخراً عدة ‏تدريبات تحاكي القتال في الساحة الشمالية، مضيفاً: إن الإجراءات الأخيرة ‏تقرب الجيش الإسرائيلي خطوة أخرى من ‏إمكانية إجراء عملية برية في جنوب لبنان.‏

‏ثمن العملية البرية
صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نشرت اليوم مقالاً لخبير عسكري إسرائيلي يدعى يوسي ‏ميلمان قال فيه: إن عمليات ‏الاغتيال التي نفذها الكيان الإسرائيلي بحق قادة في حزب الله، لا ‏شك هي عمليات اختراق استخباراتي مثيرة، ولكن لا ‏تأثير لها في قدرات الحزب وعملياته ‏المتواصلة ضد المستوطنات والقواعد العسكرية في الشمال، معتبراً أن على ‏الكيان التوجه إلى ‏تسوية سياسية مع لبنان.‏
وأوضح ميلمان أنه «في حزب الله تمّ القيام بعملٍ جماعيٍّ منظمٍ، إجراءات عمل ووضع خطط ‏وتسلسل قيادي واضح. ‏في الواقع عمليات التصفية تنزل بالحزب ضربة معنوية، أحياناً ‏صعبة.. ولكن نجاعة هذه العمليات وتأثيرها محدود ‏زمنياً، والدليل على ذلك هو أنّه رغم تصفية ‏الشخصيات الكبيرة إلّا أنّ حزب الله يستمر في الأداء، وأمس زاد مدى ‏إطلاق الصواريخ».‏
وتوقع ميلمان أن يقدم الكيان على عملية برية، وأن يعمد إلى أوسع تدمير للبنى التحتية، ولكن ‏الثمن الذي سيدفعه من ‏حياة الجنود والممتلكات سيكون باهظاً وحتى أكبر من الثمن الذي دفعه ‏في الحرب على غزة.‏
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أعلن أمس الثلاثاء أن جيشه سيسرع ‏اليوم وتيرة عملياته ‏الهجومية في لبنان ويعززها، وأضاف في تقييمه للوضع على جبهة جنوب ‏لبنان بالقول: « يجب عدم إعطاء حزب ‏الله فترة راحة». ‏
وجاء الرد صباح اليوم الأربعاء، حيث أعلن حزب الله في بيان أنه قصف بصاروخ باليستي من ‏طراز «قادر-1» مقر ‏قيادة «الموساد» في تل أبيب، وهو المقر المسؤول عن اغتيال القادة وعن ‏تفجير أجهزة «البيجر» واللاسلكي، كما أكد ‏أن هذه العملية ضمن عمليات المساندة للمقاومة ‏في قطاع غزة ودفاعاً عن لبنان وشعبه.‏
ولم يعلق الكيان «حتى كتابة هذه السطور» على بيان حزب الله، باستثناء إعلان جيش الكيان ‏أنه هاجم منصة الإطلاق ‏التي تم استخدامها لإطلاق صاروخ «أرض – أرض» من لبنان ‏على منطقة غوش دان في تل أبيب، صباح اليوم ‏الأربعاء.‏

العدوان الجوي على لبنان لن يحقق هدف «تأمين الشمال» والكيان مجبر على عملية برية ‏يعرف مسبقاً أنها ستوسع ‏هزائمه لكنها بالمقابل ستقربه من هدف دفع أميركا إلى الميدان

‏ حزب الله بكامل قدرته
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر إسرائيلي رفيع، قوله: إن حزب الله ما زال يمتلك قوة ‏صاروخية تقدر بـ100 ‏ألف صاروخ، بينما قال مكتب رئيس حكومة الكيان: إن بنيامين نتنياهو ‏قرر تأجيل سفره إلى نيويورك لإجراء ‏مشاورات مع المؤسسة العسكرية.‏
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنها المرة الأولى التي يُطلق فيها صاروخ باليستي من لبنان إلى «‏تل أبيب»، بينما أفادت ‏القناة 13 العبرية بأن الصاروخ كان موجهاً نحو قاعدة غليلوت، التي ‏سبق واستهدفها حزب الله رداً على اغتيال القيادي ‏فؤاد شكر في تموز الماضي.‏
وفي وقت لاحق أعلن حزب الله قصف قاعدة «دادو» بعشرات الصواريخ، إضافة إلى ‏مستوطنة «حتسور». ‏
كما قصف، وللمرة الأولى منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في تشرين الأول الماضي، ‏مستوطنة زخرون ‏يعقوب جنوب حيفا «شمال الكيان»، وقالت القناة 12 الإسرائيلية: الإنذار في ‏زخرون يعقوب هو الأول منذ بدء ‏الحرب، وأشارت إلى أنه تم رصد إطلاق ما لا يقل عن 5 ‏صواريخ من لبنان على زخرون يعقوب.‏
كذلك أعلن حزب الله استهداف قاعدة «إيلانيا» العسكرية في الجليل ليل أمس بـ«صلية من ‏صواريخ فادي-1».‏
ويستمر العدوان الجوي الإسرائيلي علي لبنان بصورة أشد وحشية مستهدفاً عموم مناطق ‏الجنوب، إلى جانب مناطق ‏في بيروت، خصوصاً الضاحية الجنوبية.. ومن المرتقب أن يعقد ‏مجلس الأمن الدولي جلسة اليوم لمناقشة الأوضاع ‏في المنطقة ولبنان بشكل خاص.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار