أول خريطة ثلاثية الأبعاد تكشف حركة النجوم في العناقيد الكروية

تشرين:
نجح فريق من الباحثين في المعهد الوطني للفيزياء الفلكية (‏INAF‏)، في تقديم أول عرض ‏ثلاثي الأبعاد لتشكيل وتطور العناقيد النجمية الكروية، والتي تُعد أحد أقدم التجمعات ‏النجمية في الكون.‏
وتتيح الدراسة المنشورة في دورية «أسترونومي أند أستروفيزيكس» ‏Astronomy & ‎Astrophysics‏ فهماً غير مسبوق لحركة النجوم داخل 16 عنقوداً نجمياً كروياً في مجرتنا، ‏ما يساعد على كشف بعض أعقد أسرار هذه العناقيد القديمة.‏
والعناقيد الكروية من أقدم الأنظمة النجمية في الكون، إذ تصل أعمارها إلى نحو 13 مليار ‏سنة، ما يعني أنها تعود إلى بداية تشكُّل الكون، وبفضل كثافتها الكبيرة وأعمارها الطويلة، ‏تُمثّل هذه العناقيد مختبرات طبيعية لدراسة التطور الكيميائي والمكاني للمجرات.‏
ورغم أن دراسة هذه العناقيد بدأت منذ أكثر من 100 عام، إلّا أن النتائج الحديثة تبرز وجود ‏فجوات كبيرة في فهمنا لها، خاصة مع اكتشاف أن العناقيد الكروية ليست مجرد تجمعات ‏عشوائية بل تتألف من أكثر من نوع واحد من النجوم.‏
واستندت الدراسة إلى بيانات مرصد «غايا» الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية وبيانات ‏من التلسكوب الأوروبي الكبير واستخدمت تحليلات ثلاثية الأبعاد لقياس السرعات ‏والاتجاهات الحركية للنجوم داخل العناقيد، وتحديد الفروقات الحركية بين النجوم ذات ‏التراكيب الكيميائية المختلفة.‏
من جانبه، قال المؤلف الرئيسي للدراسة إيمانويل داليساندرو: إن فهم العمليات الفيزيائية التي ‏أدّت إلى تكوين العناقيد الكروية وتطورها المبكر أحد الأسئلة الأكثر إثارة للجدل في ‏الفيزياء الفلكية على مدار 25 عاماً الماضية.‏
وأشار داليساندرو إلى أن النتائج توضح لأول مرة أن العناقيد الكروية قد تكوّنت عبر عدة ‏دورات من تكوين النجوم، وهو ما يغيّر نظرتنا التقليدية لهذا النوع من الأنظمة النجمية، أي ‏إن النجوم في هذه العناقيد لم تتكون كلها في الوقت نفسه، بل ظهرت على مراحل وفي فترات ‏زمنية مختلفة.‏
من جهته، قال المؤلف المشارك في الدراسة ماريو كاديلانو: رغم الكم الهائل من ‏الملاحظات والنماذج النظرية، فإن الآليات التي تتحكم في تكوين هذه النجوم ذات التكوينات ‏الكيميائية المتنوعة لا تزال غير مفهومة تماماً.‏
وذكرت الدراسة أن النجوم ذات التركيب الكيميائي المختلف تتوزع بطرق مختلفة داخل ‏العناقيد، إذ إن النجوم ذات التركيب الشاذ تتجمع بشكل أكبر نحو مركز العنقود، ما يشير إلى ‏أنها تشكلت أولاً ثم تطورت لتنتقل تدريجياً إلى الأطراف، لافتة إلى أن النجوم ذات التركيب ‏الشاذ تحتوي على النسب غير العادية من العناصر الكيميائية الخفيفة مثل الهيليوم والأوكسجين ‏والصوديوم والنيتروجين.‏
وفي العناقيد النجمية الكروية، تختلف هذه النجوم عن النجوم “العادية” التي تحتوي على نسب ‏تقليدية من هذه العناصر، والتي تكون عادة مشابهة لتلك الموجودة في نجوم أخرى في المجرة.‏
ونوّه الباحثون إلى أن هذا الفهم الجديد يسهم في حل بعض الألغاز المعقدة حول أصل هذه ‏الأنظمة القديمة، فالعرض الثلاثي الأبعاد لحركة النجوم داخل العناقيد الكروية يقدّم إطاراً غير ‏مسبوق لفهم كيفية تَشكُّل وتَطوُّر هذه الأنظمة المثيرة للاهتمام، ويضيف قطعة مهمة لأحجية ‏تطور الكون والمجرات.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار